الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع جاري وهو مستمر في إيذائي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية جزاكم الله عنا خيراً على هذا الموقع، والقائمين عليه، بعدد الحروف التي تخط فيه، وحفظكم الله بحفظه، وجنبكم مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، والبلايا والمحن، وحفظ وطنكم قطر وسائر بلاد المسلمين، من كيد الكائدين، وألبسكم الأمن والأمان من رب الأرض والسماوات، فلا أمن ولا أمان إلا بفضله ومنه.

إنني وإذ أستحيي من نفسي عن الكتابة بما يجول في خاطري، ولكني أحببت أن أضع ما أشتكيه بين أيدي مختصين، لا يبدر منهم إلا كل خير.

لدي جار يؤذينا، ولكن ليس بصورة مباشرة، فليس لديه الرجولة على المواجهة للأسف، فقبل عام قمت بالذهاب إلى صلاة الجمعة، وما كان منه إلا أن قام بالعمل على فك أحد ظروف الشباك، والاتصال بباقي الجيران ليخبرهم بأنني قمت بفك ظرف الشباك وجلبه إلى بيتي، لأني أنا أرغب ببقائه مغلقاً كون الأطفال يقومون برمي القمامة من خلال هذا الشباك، وتجمع هذه القمامة على أعلى البيت الرئيسي.

هذه المرة أعاد تكرار هذا الأمر بعلمه بأني لست في البيت، في ما أرى أن هذا الأمر تحد لي، وللأمانة أني أحياناً أريد أن أقوم بعمل تتحدث عنه الصحف ووسائل التواصل، ولكن أقول: هذا لا يستحق هذا العمل.

أنا الآن أداوم شكواه إلى الله عز وجل، فلا تمر لحظة إلا وأتحسب الله عز وجل فيه، ليلاً ونهاراً، وصباحاً ومساءً، لعل الله أن يكف شره عني، فلا هو أهل لأن يضرب، ولا هو أهل أن يواجهك وجهاً لوجه، فما الحل بهذه الحالات؟ وما هو التصرف الأمثل؟ فلا أريد أن أحدث أهلي وأقاربي بهذا الخصوص، ولا أريد أن ينفد صبري فلا أحسن التصرف مع هذا الشخص.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أيها الأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك بداية الثناء على الموقع والشكر للقائمين عليه، ونحب أن نخبرك بأننا نشرف بخدمة أبنائنا وإخواننا، ونسأل الله لنا ولهم التوفيق والهداية والثبات.

حقيقة أرجو أن تصبر على هذا الجار، ولك البشرى من الله تبارك وتعالى، وويل لمن يسيء لجاره، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قال قائل من الصحابة له: خاب وخسر، من هو يا رسول الله؟ فقال: الذي لا يأمن جاره بوائقه)، لا يأمن جاره من شره، وفي المقابل أيضاً لا بد أن تدرك أن الصبر على هذا الجار الذي يؤذي ثوابه عند الله تبارك وتعالى عظيم، فقد ضرب السلف أروع الأمثلة في الصبر على الجيران، حتى إذا كانوا من غير المسلمين.

فهذا سهل بن عبد الله التستري، كان إلى جواره جار مجوسي كان يأتيه من بيته بعض الأذى، يصب في داخل داره فضلات منتنة، فاتخذ سهل بن عبد الله طستا كبيرًا يجمع فيه هذا الأذى ويريقه في الخارج في الليل، فظل على ذلك حتى جاءته لحظات السكرات، فدعا الجار فقال: انظر في تلك الحجرة، قال: أعوذ بالله منذ متى هذا؟ ولماذا لم تخبرني؟ قال: لأنك جار لي، وديننا يأمرنا بالصبر على الجار والإحسان إليه، ولكن قد حضرني ما ترى، يعني الآن أنا في لحظات السكرات قد أمضي وقد يأتي بعدي من يسيء إليك، فأصلح شأنك، فقال هذا المجوسي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، يأتيك هذا الأذى وتصبر عليه؟!

لذلك نحن نوصيك بمزيد من الصبر والتحمل، وثق بأن الأمر كما قال الله: (ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله)، إساءة الجار قابلها بالإحسان، وبالصبر عليه، وتجنب أي تصرف منك يمكن أن يؤدي إلى نتائج سيئة، لأن الإنسان أيضاً ينبغي إذا أراد أن يأخذ حقه، يأخذه عن طريق الجهات الرسمية، أما أن يأخذ الإنسان حقه بيده، فهذا كما هو معلوم فقد يجلب له إشكالات كبيرة.

اعلم أن الحليم هو الذي يربح، وأن الملامة على المسيء، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الصبر على هذا الظرف الصعب.

أعتقد أن هذا الجار الذي يؤذي إذا شعر أنك لا تبالي، وأنك ترفع الأمر إلى رب الأرض والسماوات، فإن هذا من أسباب ما يجعله يخفف هذا الشر والأذى، ونسأل الله أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب، وفعلاً الأمر قد لا يستحق، والإنسان لو أنه رد على كل من يسيء لشق ذلك عليه، كما قال الشاعر:
ولو كل كلب عوى ألقمته حجراً
لأصبح الصخر مثقالاً بدينار

لذلك أرجو أن يكون التجاهل والتغافل والتسامح هو دأبك، ولا مانع من اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ولا تدخل في مواجهة مع الجار، فبعض الناس الاهتمام بهم والجدال معهم يرفع من مكانتهم، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ونسعد بتواصلك مع الموقع حتى نتابع معك التطورات، بعد السير على هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة الكرام، الذين كانوا يحرصون على الصبر على الجار وإن كان يؤذيهم.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً