الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي كبير في السن ويقسو علي والدتي، ما الحل؟

السؤال

والدي كبير في السن، وأصبح عصبياً بشكل ملحوظ جدّاً، مع كل من حوله، وهذا أثر على والدتي، فهي مريضة قلب لدرجة أنها تصل لمرحلة البكاء الدائم، على الرغم من أنها كانت دائماً ما تتحمل، ولكن مؤخراً بسبب مرضها أصبحت لا تسطيع التحمل.

طلبت الانفصال أكثر من مرة والوالد يرفض هذا الأمر تماماً، بداعي أنه لا يستطيع مفارقتها، هو يحبها ولكن من فرط قسوته يؤذيها، وهي في قمة الأدب والتسامح، ولكن فاض بها.

الأب لا يستطيع أحد حتى من الأقارب كبار السن التأثير عليه، ولا يتقبل النصح بشكل سهل، هو على درجة من العلم والدين، وأمي كذلك.

أنا وإخوتي في حيرة ما بين خوفنا على صحة والدتنا، وعدم رغبتنا في عقوق والدنا.

أرجو النصح حول التصرف الصحيح من الناحية الدينية، والإنسانية، وحل هذه المشكلة، حاولنا سابقاً إقناع الوالد بالانفصال وغضب منا جميعاً وقاطعنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك وأن يعينك، وأن يسعدك، وأن يبارك لك في والديك وألا يفرق بينهما، إنه جواد كريم.

أخي: كيف تحاول أن تقنع والدك بطلاق زوجته وأم أولاده ورفيقة عمره؟ كيف استطعت أن تأخذ هذا القرار، ومن أين أتيت بتلك الجرأة؟ أخي، هل تظن أن الوالدة -حفظها الله- ستكون سعيدة بقرار الانفصال؟

والدك على خير، ولكن السن له حكمه، وطبيعة الرجل في السن الكبير أنه لا يتحمل، ولعل بعض الضعوطات عليه أكثر مما تتوقع، والرجل إذا اجتمع عليه الكبر والمرض وقلة الحيلة أصبحت حالته هكذا، وهو في هذه الحالة لا يحتاج إلى انفصال زوجته عنه، بل يحتاج إلى:

1- وقوف الجميع بجواره.
2- وتفهم حالته.
3- الاجتهاد في إرضائه.
4- البحث عن أسباب غضبه، والاجتهاد في التخفيف منها أو إزالتها.
5- شغل أوقاته بما يحبه هو مما يرضى الله تعالى.

كذلك الوالدة -حفظها الله- تحتاج في هذا السن إلى من:

1- يصبرها على تعب الوالد وغضبه.
2- يذكرها بحبه لها وحنينه إليها، وأنه لا يمكنه الاستغناء عنها.
3- يجتهد في تخفيف الضغط عنها.
4- يبحث لها عن دواء يخفف عنها بعض ما تجده من آلام.
5- يحاول أن يكون جسراً لأمه إلى أبيه والعكس.

هذا هو المطلوب منك اليوم أنت وإخوانك يا أخي، لذا نحن ننصحك بأن تقترب من والديك أكثر، وأن تذكر كلاً على حده بحب الآخر له، وأن تلمح للوالد بفضل الصبر والإمساك عن الغضب، تلميحاً لا تصريحاً، وإشارة لا كلاماً مسترسلاً.

كذلك لا بأس أن تصحب والدك بعض الأيام إلى عمرة، إلى زيارة بعض أقربائه، إلى زيارة بعض أصدقائه، المهم أن تخرجه من البيت قليلاً في صحبتك، كذلك من المهم أن تشجعه على أن يكون له ورد من القرآن، من القراءة، فهذا يخفف الضغط ويشغل الذهن، ويقلل الغضب.

لا بأس أن توعز لشيخ المسجد الذي يخطب الجمعة أن يتحدث عن الغضب، وكيف يمكن للإنسان أن يتجاوزه، وما هي الطرق المعينة على ذلك.

المهم أن تجعل التفكير في الإصلاح لا في الإفساد، والبناء لا في الهدم، وثق -يا أخي- أن والدتك لن تقوى على ترك والدك، وكذا والدك لا يقدر على العيش بدون والدتك.

نسأل الله أن يحفظهما بحفظه وأن يسعدهما، وأن يصرف عنهما ما حل بهما، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً