الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد التوبة..هل سيغفر الله ذنبي ويستجيب دعائي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ارتكبت ذنبًا ووقعت في مشكلة بسببه، والمشكلة التي وقعت فيها بعد ارتكاب الذنب يمكن أن تدمرني وتدمر أهلي ومستقبلي، بعد ذلك استغفرت الله كثيرًا، وتبت بعد الذنب، وندمت على فعله، وأدعو الله أن يفرج همي، وأصلي على الرسول كثيرًا، وأقرأ سورة يس، وأصحو الفجر وأدعو الله ثم أنام فجأة، فهل هذه علامة من الله؟ وهل يستجيب الله دعائي؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب عليك ويغفر ذنبك، ويثبتك على ما أنت فيه من الخير.

وهذه الحالة التي أنت عليها -أيها الحبيب- من التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، والإكثار من طاعته وذكره، حالة تبشر بخير كثير، فنرجو الله تعالى أن يتمم عليك نعمته ويثبتك على ما أنت فيه، وذنبك مهما كان كبيرًا فإن التوبة تمحوه، وهذا من فضل الله سبحانه تعالى الواسع، وكريم عطائه ولطفه بعباده، أن فتح لهم باب التوبة وأخبرهم بأنه يبدل سيئاتهم حسنات إذا تابوا، كما قال الله عز وجل في سورة الفرقان في وصف عباد الرحمن: (إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَٰلِحًا فَأُوْلَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٍۢ ۗ ..)، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

فمهما كان ذنبك كبيرًا فإن الله تعالى يغفره بالتوبة، والتوبة تعني الندم على فعل الذنب، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عنه، فإذا كان في الذنب حق لآدمي فلا بد من التحلل من حق هذا الآدمي، على تفصيل طويل في كيفية هذا التحلل، لا نتعرض له لأنك لم تذكر لنا ما هو هذا الذنب الذي وقعت فيه، وهل فيه حق لآدمي أو لا؟

فإذا تاب الإنسان توبة صحيحة؛ أي كاملة الأركان الثلاثة التي ذكرناها، فإن الله تعالى يقبل منه هذه التوبة؛ لأنه وعد بذلك فقال: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده)، ولا يرد الله سبحانه وتعالى عبده الذي توجه إليه ورفع إليه يديه وأعلن اعترافه بذنبه وجريرته وخطيئته فطلب من ربه أن يسامحه، وأن يغفر له فإن الله تعالى الكريم المنان لا يرد هذا العبد.

وقد قال سبحانه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، فنصيحتنا لك: أن تستمر على ما أنت فيه من الخير من كثرة الاستغفار، وكثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقراءة القرآن، وأن تدعو الله تعالى وتكثر أن يغفر لك ذنبك، وإذا دعوت الله تعالى فأحسن ظنك بالله أنه سيقبل دعاءك ويجيبك، فقد قال الله في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء)، فذنبك ليس مانعًا من قبول الدعاء، ما دمت قد تبت فالتوبة تجعلك كمن لم يقع في الذنب أصلًا، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

وما فعلته من ذكر لله ودعائه عند إفاقتك من نومك فهذا دليل خير -إن شاء الله-، وعلامة على أن الله سبحانه وتعالى يريدك أن تتوجه إليه ويحب ذلك، فإن التوفيق للطاعة بعد الطاعة أمارة -إن شاء الله- على أن الله تعالى يريد بهذا الإنسان خيرًا.

لا تقلق بشأن ذنبك السابق، ولا تسمح لمشاعر التخوف والتشاؤم أن تسيطر عليك بأنه سيدمر حياتك المستقبلية، فما دمت قد تبت إلى الله تعالى فإن هذه التوبة تغيير، وانتظر من ربك سبحانه وتعالى الخير فإنه غفور رحيم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً