الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

في لحظة غضب زل لساني بكلمة غير مقصودة، فكيف أتوب؟

السؤال

السلام عليكم.

تشاجرت مع صديقي عن طريق الهاتف، ولما قام بشتم والدتي غضبت، وقمت بإغلاق الهاتف، وأنا غاضب زل لساني بكلمة "توا نقول لربك"، قاصدًا الشخص وليس الله عز وجل، فهل ما نطقت به كفرًا؟ علمًا بأني نطقت الشهادتين، واستغفرت الله، وقلبي كله ندم، ولم أكن أنوي التفوه بهذا الكلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدل على حرصٍ على الخير، ونسأل الله أن يهدي صديقك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، ونسأله أيضًا أن يعينك على الصبر؛ فإن الإنسان لا بد أن يتسلح بالصبر.

وإذا كان هذا الصديق قد أساء إلى الوالدة فقد أخطأ، والوزر والإثم على نفسه، والوالدة ستأخذ حسنات، وهو سيتحمّل ويبوء بوزر ما حصل منه، وكل إناءٍ بالذي فيه ينضح.

ولذلك من المهم جدًّا أن يتعوّد الإنسان عند الغضب أن يستعيذ بالله من الشيطان، وأن يذكر الرحمن، ويهجر المكان، ويمسك اللسان، ويهدّئ الأركان، وإذا كان الغضب شديدًا يتوضأ، وإذا كان شديدًا يصلي لله تبارك وتعالى القائل: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} ما هو العلاج يا رب؟ {فسبّح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.

فالإنسان عند الغضب لا بد أن يتذكّر وصية النبي ﷺ "لا تغضب"، وأن يمارس العلاج النبوي في التخلص من الغضب.

أمَّا وقد حصل ما حصل، وأغلقت الهاتف، وقلت هذه الكلمة التي أشرت إلى أنك لا تقصدها، فاعلم أولًا أن الله لا يحاسبنا على الأمور التي لا نقصدها، وإذا كان ما صدر منك زلّة لسان، فأنت لا تحاسب عليها، كما في قصة الرجل الذي قال من شدة الفرح: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك"، أخطأ من شدة الفرح.

وقد أحسنت إذ استغفرت، ورددت الشهادة، وندمت، وكل هذا يدل على خيرٍ فيك، لكن الإنسان لا بد أن يتحكم في غضبه، ويتعوّذ بالله من الشيطان؛ لأن الغضب من الشيطان، وإذا شعرت أن الحديث مع أي إنسان قد يدفعك إلى ما لا تُحمَد عقباه، فانتبه، وأمسك لسانك، واهجر المكان، وتعوّذ بالله من الشيطان، واذكر الرحمن، وطبّق الوصفة النبوية التي أشرنا إليها.

ونسأل الله أن يعينك على الخير، واعلم أن الندم توبة، ونسأل الله أن يغفر لك، وعلى الإنسان دائمًا ألّا يُعوّد نفسه مثل هذه العبارات، ولا يُجريها على لسانه، ولا يجلس مع من يتكلم بها.

نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، وأن يتوب علينا جميعًا لنتوب، ونسأله أن يغفر لنا خطأنا وعمدنا، {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، فأنت أخطأت ولم تكن تقصد، ولا حساب عليك -إن شاء الله-، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً