الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في الموت ونظرتي للمستقبل تشاؤمية..فما النصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على عملكم الخيِّر، وأدام الله الخير فيكم.

مشكلتي بدأت منذ 45 يومًا، كنت طبيعيًا والأمور تسير على ما يرام، وفجأة شعرت برعشة ورجفة ودوخة، فذهبت إلى الصيدلي وقال: ضغطك مرتفع، وهنا كانت الصاعقة وفكرت أنها لحظة الموت وصرت كالمجنون، وعانيت حينها من تسارع النبضات، وبدأت معاناتي مع الضغط والتفكير، علمًا أني كنت أذهب لقياس الضغط 5 مرات يوميًا، وأفكر في الموت، وأربط كل الأشياء بالموت، كلمة تطمئنني وكلمة تقلقني، وحينما أنام ليلًا تفكيري لا يتوقف ويكون مستيقظًا، ويراودني شعور في الليل بأن ضغطي سيرتفع وأموت، فأنا لا أستطيع النوم حتى تركت الجامعة؛ لأني لا أستطيع الذهاب، ومر شهر على هذا الوضع، وبعدها أصبت بضيق الصدر، وأصبحت أرى كل شيء غريبًا، وأستغرب من كل شيء وأقول: مَن أنا؟ ولماذا أنا هكذا؟

أصبحت أفكر بشكل سلبي في كل الأمور، وأنا الآن لا أحس بالوقت ولا بنفسي، وأحس أن الوقت يمضي سريعًا جدًّا، وأحس أني تائه، وعندي نظرة تشاؤمية من المستقبل، أقول: ما فائدة الدنيا؟ كل ما سأفعلة سيمضي سريعًا، وغدًا سأكبر وأموت، ما فائدة المنزل....الخ؟

أفكاري وشعوري لا أعرف كيف أوصفها، أنظر إلى الناس وأقول: هذا سيموت أليس خائفًا؟ والوقت يمضي سريعًا، وأحس أني ولدتُ للتو، وأنا الآن قلق وخائف، ولا أستطيع الدراسة، وأقول: كيف يمر الوقت بسرعة وبعد ثوان سأتخرج، وأخاف كيف سأكبر؟ وكيف سأصبح؟ وأفكر في الموت ولحظات الموت، وأحاسيس كثيرة متعبة، وأفكار من هذا القبيل، لا أعرف كيف أصف مشاعري، ولكن نظرتي للمستقبل تشاؤمية.

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تعاني منه هو اضطراب مزدوج من حالة هلع وقلق نفسي حاد، وخوف شديد متصاعد من الموت، أو الخوف من الإصابة بأزمة قلبية، أو فقدان التحكم في النفس، ويعزز هذه المخاوف الشعور بالأعراض الجسمانية، مثل: الرجفة، تسارع دقات القلب، الصداع وبرودة الأطراف، بالإضافة إلى اختلال الإحساس بالذات والعالم المحيط، وتظل هذه النوبة حوالي 20 إلى 30 دقيقة، ثم تبدأ في الانحسار، وتظلّ في حالة ترقُّب وقلق من حدوث نوبة جديدة.

أمَّا انشغال البال بالأفكار المشار إليها فهي ما يُعرف بالوسواس القهري، ويأتي على شكل أفكار سلبية لا إرادية ومتكررة، تشغل الذهن لفترات طويلة، وغالبًا ما تكون غير متفقة مع معتقدات الشخص أو مع رغباته -مثلما أوضحتَ في سؤالك-، وقد تُؤثّر على الأداء الوظيفي والاجتماعي، والتأخُّر الدراسي، والميل إلى العزلة، وصعوبة التركيز، وفقدان الثقة بالنفس، وقد يؤدي إلى الشعور بالاكتئاب.

حالات القلق النفسي منتشرة بين الشباب، وقد تصبح مزمنة إذا لم يتم علاجها مبكِّرًا من خلال طبيب أو معالج نفسي متخصص في علاج الاضطرابات النفسية، ومعظم الحالات يتم علاجها بفضل الله تعالى.

العلاج يشمل الجلسات النفسية السلوكية المعرفية للتخلص من الأفكار والتوقعات السلبيية، وبناء الثقة بالنفس، والتخلص من الإجهاد النفسي من خلال ممارسة أساليب الحياة الصحية، مثل: ممارسة الأنشطة الرياضية، والهوايات المفيدة، وتمارين الاسترخاء، وكذلك الحفاظ على ممارسة الشعائر الدينية للشعور بالهدوء والسكينة.

من المفيد استعمال العلاج الدوائي تحت إشراف طبي، ومن تلك الأدوية مضادات الاكتئاب، مثل دواء (سيبرالكس) 10-20 مليجرام، أو (فلوكسيتين) 20-40 مليجرام، أو (فافرين) 50-100 مليجرام، أو (باروكستين) 20-40 مليجرام.

نسأل الله لك الصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً