الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في فسخ الخطبة لأنني تسرعت في قبول الخاطب، فما توجيهكم لي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة من أسرة جميعها متعلمة وعلى مستوى، ومتدينة، خطبت قبل شهرين من شاب يبلغ من العمر 30 عاماً يعمل في الجيش، غير مكمل للدراسة، لكنه خلوق ويصلي، قبلت به بسبب ضغط نفسي كنت أمر به بأني أريد تكوين أسرة، وأني كنت متأخرة بالزواج بسبب تعليقات أخواتي، أردت الهروب من الكلام، وتم العقد، ولكن بعد الخطبة أدركت أنني تسرعت، ودخلت في دوامة من الألم نفسي.

رفضي للشاب يكمن في عدم تقبلي واقع أسرته، والحقيقة لم أر أخواته إلا بعد العقد، وليس تكبرًا على خِلقة الله -عز وجل- لا والله، ولكني نفرت بشدة من وضع أسرته وخلقة أخواته، وهي أسرة غير متعلمة إطلاقًا، ومن شكل الشاب، أصبحت أضغط على نفسي كثيراً، وأريد أن أفسخ الخطبة ولا أريد الشاب، ولكني أرحمه وأخاف من الندم بعد فسخ الخطبة، وصليت قيام الليل كثيراً ولم أرتح أبداً، وإذا تزوجته أخاف أن أظلمه معي وألا أحبه، وأنفر من عائلته، وأظلم نفسي معه.

ساعدوني، فقد صليت الاستخارة ولم أرتح أبداً، ورقيت نفسي كثيراً.

هل فسخي للخطبة أحاسب عليه من الله؟ فهو خلوق ويصلي، ولكني لم أرتح من أول الخطبة، وأمر بضيق لا يعلم به إلا الله، وأشعر أنني أخطأت بالتسرع بالموافقة!

ساعدوني بالله عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Saja حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويرضّيك به.

ونصيحتنا لك -ابنتنا العزيزة- أن تتمهّلي قبل اتخاذ قرار فسخ الخطبة، هذا إذا لم يكن قد تمَّ العقد الشرعي -أقصد عقد الزواج-، لأنك قلت (وتمّ العقد)، فإذا كان العقد الشرعي قد تمَّ فإن الأمر يحتاج إلى موافقة هذا الزوج على الطلاق، فيُطلّق، أو أن يُرفع الأمر إلى المحكمة، أمَّا فسخ الخطبة -أي مرحلة قبل العقد- فيمكن أن يكون من طرفك وطرف أهلك، لكن قبل هذا وذاك: نصيحتنا لك ألَّا تتعجلي وتتسرعي إلى اتخاذ قرار من هذا النوع، حتى تراجعي نفسك وتنظري ما هي البواعث التي تدعوك إلى اتخاذ هذا القرار؟ وتنظري في حالك وفرص الزواج، وتقارني بين المصالح التي ستجنينها لو تزوجت هذا الشاب، والمفاسد التي ستترتّب لو فسخت الخطبة.

وبهذا النوع من المقارنة يصل الإنسان إلى اتخاذ القرار السديد الصائب -إن شاء الله تعالى-، مع مشاورة المخلوقين واستخارة الخالق سبحانه وتعالى.

وإذا كنت وصلت إلى حدٍّ كبيرٍ من النفرة منه وعدم التقبُّل له، وتخافين -كما ذكرت في استشارتك- ظلمه، وألَّا تقومي بحقه عليك كزوجة؛ فربما كان الأفضل لك أن تفسخي الخطبة من الآن، فإن الخروج من هذا الارتباط في هذه المرحلة أيسر وأسهل تكلفة ومؤونة من أن يقع بعد أن يتمَّ الزواج وتحصل الذريّة.

وليس عليك إثم في هذه الحالة إذا فسخت الخطبة أو طلبت الطلاق تحت هذا المبرر، فقد أقرَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- حين جاءته امرأة وهي زوجة ثابت بن قيس بن شمَّاس تشكو إليه أنها تكره الكفر بعد الإسلام، أي تكره الوقوع في المعصية والتقصير في حق الزوج، وهذا من كُفر النعمة، ومن التقصير في الواجب، فطلبت الطلاق لأنها تكره زوجها، فأمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تردّ إليه المهر.

فنرجو بهذا -إن شاء الله- أن يكون الأمر قد اتضح إليك، وخير ما نوصيك به اللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى- وكثرة دعائه، وسؤاله أن يُقدّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً