الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدثت مشكلة كبيرة لفتاة بسبب محاولة تواصلي معها، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

كنت على علاقة مع بنت وتركتها قبل سنتين وتبت، قبل أسبوع أرسلت رسالة لأختها لكي تعطيني حسابها على مواقع التواصل، ولكن أختها أخبرت أهلها وحدثت مشكلة كبيرة جدًا للبنت، أنا تبت وندمت على ما فعلت، لكني أشعر بالذنب، فماذا علي أن أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يمحوَ ذنبك.

وقد وُفِّقت - أيها الحبيب - حين قررت التوبة وندمت على ما فعلت، فإن التوبة يمحو الله تعالى بها الذنب، فقد قال الرسول الكريم (ﷺ): «‌التَّائِبُ ‌مِنَ ‌الذَّنْبِ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ»، وقد أخبر الله تعالى في كتابه الكريم في آياتٍ عديدة عن قبوله التوبة من التائبين؛ إذا صدقوا وحقَّقوا أركان التوبة، وهي: الندم على فعل الذنب، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عنه، والتخلص من حقوق الآدميين إذا كانت هناك حقوق للآدميين.

فهذا النوع من التوبة يقبله الله، كما أخبر في كتابه فقال: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى: 25]. بل نادى سبحانه الذين أسرفوا على أنفسهم بالمعاصي فقال: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. بل أخبر سبحانه بأنه يُبدّل سيئات التائب حسنات، فقال: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70].

وإذا استطعت أن تُوصل إلى أهل هذه الفتاة أنك لا تقصد من وراء التواصل شرًّا، وإنما أسأت في الأسلوب والطريقة، إذا استطعت أن تُوصل هذا بالاستعانة بمن يمكن أن يُعينوك عليه من الرجال؛ فهذا قد يُخفِّف المشكلة والأضرار على هذه الفتاة، فإذا علم أهلُها أنك صادقٌ في توبتك، وأنك إنما تواصلت معها لمقصدٍ صحيحٍ -كرغبتك في الزواج بها مثلًا-، وإنْ كُنَّا نخالفُك في مشروعية هذا التواصل، ولا نراه إجراءً صحيحًا، ولكن إذا كان ذلك من شأنه أنه سيُخفّف الأضرار على هذه الفتاة؛ فينبغي أن تفعله من باب الإحسان إليها، ودفع الضرر الذي سبَّبته أنت لها، وإذا لم تتمكّن من فعلِ شيءٍ من ذلك فليس عليك شيء.

ولكننا في الوقت نفسه نؤكد ثانيةً أن التواصل مع الفتيات بهذه الطريقة بابُ شرٍّ يفتحه الشيطان ليستدرج به الإنسان إلى ما لا تُحمد عاقبتُه من أنواع الذنوب والمعاصي، وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن اتباع خطواته، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21].

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً