الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسائل التواصل أثرت على علاقتي مع الله، فكيف أعالج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 22 سنة، مشكلتي في علاقتي مع الله، وإيماني يعود للوراء يوماً بعد يوم، وأنتكس، ولا ألتزم حتى بالصلاة، ولا أشعر بلذة العبادات، وأفعل -غفر الله لي- معاصي كثيرة وشديدة، والمشكلة أن قلبي لا يتألم، ولا أشعر بخطورة المعصية التي أفعلها، فما الحل؟

أيضاً ما سبب الخوف الشديد والتوتر بسبب وبدون سبب؟ خصوصاً عند الاستيقاظ من النوم، أستيقظ وفي داخلي خوف شديد وتوتر عظيم لا يعلمه إلا الله، وبدون سبب!

آخر سؤال: ما هو موقفي كطالبة علم من وسائل التواصل الاجتماعي؟ لقد تضررت كثيراً منها، فلم أستطع حفظ القرآن، ولا الانتباه لدروسي الجامعية، ولا طلب العلم خارج الجامعة بسببه، وأيضاً سبب تلي القلق والتوتر النفسي، والمقارنات بيني وبين غيري، فأشعر حينها بالقهر، والمشكلة أن هذه الوسائل هي باب دعوة.

أفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يقين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

اعلمي -أختي- وفقك الله تعالى أنه لا يوجد نتيجة دون أي سبب، يقول تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، فالتراجع في الالتزام والاستقامة لا شك أن له أسباباً، ومن المقرر عند أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية؛ لذلك لابد أن تبحثي في الأسباب التي تسبب لك هذا التراجع والضعف؛ وذلك عبر المحاسبة للنفس، وهذا حال المؤمن أن يبحث في عيوب نفسه، ويجتهد في تزكية قلبه من المفسدات، يقول تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى).

أختي الفاضلة: تكرار المعاصي وإدمان فعلها دون توبة واستغفار، يخرجها من دائرة اللذة المؤقتة إلى العادة المألوفة؛ لذلك من وصل به الحال إلى أن تصبح المعاصي والمخالفات عادة يكررها ويألفها، فإنه لن يشعر بألم المعصية ولا بتأنيب الضمير، وسيبقى الشيطان يتدرج به، حتى يصل إلى مرحلة المجاهرة والإعلان بها -والعياذ بالله-.

لذلك ننصحك -أختي الفاضلة- أولاً أن تبادري إلى التوبة النصوح وتحقيق شروطها: من الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم الرجوع إليه، ولابد من إخلاص التوبة والصدق فيها مع الله تعالى.

كما ننصحك أن تعجلي في محاسبة نفسك، والبحث في أمراضها قبل أن يتغلف القلب بالرَّان، فيصبح كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت له نكتة بيضاء، حتى يصير على قلبين: أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مرباداً، كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه) رواه مسلم.

وهذا التكرار مع عدم الإنكار يحول المعصية إلى عادة.

ننصحك أيضاً أن تجتهدي في تنقية بيئتك التي تعيشين فيها، من رفاق السوء ووسائل المعصية، وكل ما يُذكرك بها أو يقربها منك، فهذا من أعظم ما يعين على التوبة، ومن ذلك وسائل التواصل الاجتماعي؛ فرغم وجود بعض الخير فيها، إلا أن الأغلب فيها الفساد وضياع الوقت، وزيادة الاضطرابات النفسية، كالمقارنات، والشعور بالحرمان، والكثير من الآفات التي تؤثر على النفس.

إن وجدت أن دخولك لمواقع التواصل الاجتماعي سيؤثر على إيمانك واستقامتك؛ فالأفضل تركها والابتعاد عنها، ووسائل الدعوة غيرها كثيرة.

أختي الفاضلة: املئي وقتك بالأعمال الصالحة، وذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، وطلب العلم، وملازمة الصالحات؛ فالقلب الممتلئ بالطاعات والأعمال الصالحة لا يجد متسعاً للشهوات، وإن زلت بك القدم في معصية من المعاصي فلا تتأخري عن التوبة، وبادري بالاستغفار والدعاء والتضرع لله تعالى، فالله تعالى يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).

أسأل الله أن يُثبتك على الخير ويعينك على الطاعات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً