الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحافظ على هذا المنوال وأتقرب من الله أكثر؟

السؤال

السلام عليكم.

لظروف كثيرة مرت علي -مشاكل صحية ونفسية لمدة 4 سنوات-، كنت قد ابتعدت عن الدين، لدرجة لم تكن نفسي الصغيرة تتخيلها، لكن لم أتمرد على الدين، بل كنت أعلم أني مخطئة، لكن لم أقدر على فعل شيء، وكنت في رمضان أدعو الله كل يوم أن يهديني، فأنا أتعذب وأنا بعيدة عنه.

ومنذ وقت ليس ببعيد كنت في أسوأ حالاتي فقد كنت أتعالج نفسياً، ولي فترات جيدة وسيئة، ولكن في ذلك الأسبوع كنت في أسوأ حالة في حياتي، فاجتاح قلب أمي الخوف، وأصرت على أن أصلي معها، وأن أقرأ سورة البقرة كل يوم، وأشياء أخرى تقربني من الله.

لم أكن أتوقع أن ينجح الأمر، فأنا في الأصل فاقدة للأمل من الدنيا والحياة، وبسبب مساعدة أمي وإصرارها على أن أصلي معها، وأن أقرأ البقرة كل يوم، أصبح الأمر في قلبي، فصرت أسعد عندما يؤذن المؤذن للصلاة، واذهب للصلاة بلا كسل، مع أنني لم أكن هكذا أبداً.

وأحزن عندما لا أستيقظ لصلاة الفجر، وفي أقرب وقت أقرأ البقرة، فكيف أحافظ على هذا المنوال وأتقرب من الله أكثر؟ ويكون ذكره على لساني دائماً؟

أنا خائفة جداً أن أرجع لطبيعتي القديمة من الاستهتار في الصلاة، وأن يحرمني الله لذة الطاعة، وأن أرجع لعصيانه مرةً أخرى، فما نصيحة حضراتكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونبشرك بأنك عرفت طريق الخير فالزميه، حافظي على الصلاة؛ فإن الصلاة أمان في الأرض، ونسأل الله أن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.

وهذه تحية خاصة منا لهذه الوالدة، وحرصها على الخير، فكوني في طاعتها، تقربي منها، اجتهدي في إرضائها، فإنها نعم الأم، وهي تقود ابنتها إلى رضا الله.

واعلمي أن الصلاة معراج المؤمن، وأن الصلاة هي العلاج الأكبر لكل ما يواجهه الإنسان من صعوبات وأحزان، ولذلك شرعها الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- في أحلك وأصعب لحظات الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، والصلاة بفرائضها ونوافلها هي باب القرب الأعظم من الله تبارك وتعالى، وتربط الإنسان بالله، فهي صلة بين العبد وربه جل في علاه سبحانه وتعالى.

وإذا كنت -ولله الحمد- قد وجدت حلاوة الطاعة؛ فإن خير من يداوم على الطاعة هو من وجد لذتها وسعد بأدائها، ونسأل الله أن يديم عليك نعمه.

لا تخافي من العودة إلى الوراء، واعلمي أن مما يعينك على ذلك ما وجدت من حلاوة، ثم الدعاء واللجوء إلى الله، ثم طاعة الوالدة التي تدعوك إلى الخير، ثم البحث عن صديقات صالحات يكن عوناً لك على الطاعة.

ونوصيك بالبعد عن كل ما يغضب الله؛ لأن المعاصي تحجب الإنسان وتمنعه من اللذة، فكوني مع الله تبارك وتعالى ولا تبالي، وتعوذي بالله من شيطان لا يريد لنا الخير، وأعلمي أن عدونا لا يريد لنا أن نصلي أو نصوم أو نذكر الله، والله أخبرنا أنه عدو لنا فقال: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)، وعداوة الإنسان للشيطان لا تتحقق إلا بطاعته للرحمن، وذهابك للصلاة واستمرارك عليها هو خير معين على حصول اللذة وعلى الاستقامة عليها، فاذهبي إلى الصلاة بلا كسل، واحرصي دائماً على أن تصلي مع الوالدة أو في جماعة؛ لأن وجود الإنسان في جماعة يسهل عليه، فالتكاليف إذا عمت سهلت.

واعلمي أن في القرآن أيضاً الطمأنينة، ويزداد الإنسان بتلاوة القرآن إيماناً، وسورة البقرة لا تستطيعها البطلة، وهي أخطر الأشياء على السحرة، والبيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان، فاستمري فيما أنت عليه من الخير، ولا تخافي من الرجوع إلى الوراء، وإذا حصل تقصير فتداركي ذلك بتوبة نصوح، وباستغفار وإنابة، واعلمي أن الحسنات يذهبن السيئات.

نسأل الله أن يثبتك ويسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً