الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالجمود ولا أحسن عرض ما فهمته من دروسي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أشكركم جزيل الشكر على مجهوداتكم، وكل من سهر على إنجاح هذا المشروع، لي بعض النقاط، أرجو الاستشارة والمساعدة منكم فيها، بارك الله فيكم ونفع بكم، وهي: أنني أستوعب أحيانًا الدروس كلها، لكنني أخفق في كيفية التعامل معها، سواء في الأسئلة المطروحة، أو في مناقشة النص كأخذ ورد.

أشعر بعائق كبير في هذه المسألة، وفي حيرة من أمري، الطلاب من حولي ينجزون هذا العمل بمرح وحيوية، وأنا لا أدري كيف، ولا من أين أبدأ!

كما تعلمون، عند إنهاء أي درس، يفترض على الطالب أن يناقش، أو ينجز هذا العمل على شكل حوار مثمر، أو نص إنشائي، ويعرف بهما الطالب مستوى فهمه للدرس، هذا ما يعد دائمًا بالنسبة لي لب الإشكال، وحجرة عثرة في مسار التعليم كله، أعاني من الجمود الفكري، وضيق الأفق، وأشياء أخرى لا يمكن تفسيرها.

منذ ثلاث سنوات، دخلت إلى معهد تعلم اللغات الأجنبية، وأردت تعلم اللغة الإسبانية، فعلاً استفدت من خدمات هذا المعهد، ودرست اللغة في العام الأول لمدة سبعة أشهر، لكن بدون جدوى.

عزمت في العام المقبل أن أغير المعهد، وفعلاً غيرته، ورغم ذلك لم يتغير شيء، المشكلة هي أني خرجت كما دخلت.

هذا الإشكال كنت أعاني منه منذ بداية مشواري الدراسي، لدرجة أنه دفعني إلى أن أتخلى عن المواد الأدبية كليًا، وكنت فقط أعتني بالمواد العلمية، دائمًا ما كان مستواي الدراسي متوسطًا، جهدي في المواد العلمية كانت تأكله المواد الأدبية من سوء النتائج.

الإنسان عندما يعزم على فعل أي شيء ورغبة قوية كامنة في داخله، فأي عائق في طريقه لا يستطيع تجاوزه، لا شك أنه سوف يدفع ثمنه من صحته، فعلاً هذا ما عشته لسنوات، القسوة -قسوة القلب-.

رجوت الله في هذه المسألة وألححت عليه لسنوات طويلة، لكن لم يستجب لي، ادعوا لي حفظكم الله، وما هو مقترحكم في ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونؤكد أن من كتب هذه الأسطر يستطيع أن ينجح في الحياة، فليس أحد أقل من أن ينجح، وليس أحد أكبر من أن ينصح، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونسعد بك ونشرف بتواصلك مع الموقع.

ونحب أن نؤكد لك أن الإنسان ما عليه إلا أن يسعى، يبذل الأسباب ثم يتوكل على -الكريم الوهاب-؛ ولذلك ترك الأسباب جنون، لكن أيضًا التعويل على الأسباب خدش في التوحيد، فليس كل من يبحث عن عمل يجد العمل، وليس كل من يذاكر يمكن أن ينجح، لكن من المهم أن يفعل الإنسان الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب -سبحانه وتعالى-.

ونحن نعتقد أن الإنسان الذي وصل إلى هذه المراحل من الدراسة، قادر على أن ينجز أشياء كثيرة، قادر على أن ينجح، ولا أدل على ذلك من هذا الكلام الواضح المفهوم الذي ترسله إلى موقعك، والذي يحدد الإشكال بمنتهى الوضوح، دائمًا الإنسان من المصلحة أن يجزئ المشكلة التي عنده إلى أجزاء صغيرة، حتى يسهل التعامل معها، وكذلك أيضًا ينبغي أن تدرك أن جميع الناس الذين يعملون، لم يخرجوا من بطون أمهاتهم وهم يعملون، ولكنهم تعلموا من خلال تجارب الحياة.

حتى المبدع ربما جرب ألف تجربة، 999 تجربة فاشلة ثم نجح في الأخيرة، والتجارب الفاشلة في حياة الناجحين هي عبارة عن خبرات جديدة ومهارات جديدة، ولذلك أرجو أن لا تتوقف، واعلم أن كلام الناس لا ينتهي، ورضاهم غاية لا تدرك.

ونحب أن نؤكد لك أن ما يتعلمه الإنسان هو الذي يؤهله للفهم، لكن قد لا تكون له علاقة بالتعليم، علاقة بالحياة العملية، لذلك كثير من المؤسسات الآن بعد أن كانت تطلب الذي عنده خبرة والذي عنده معرفة، الآن هناك جامعات تطلب الذي يتعلم الأمور الأساسية، بعد ذلك الشركة أو المؤسسة هي التي تعلمك، هي التي تعطيك البرنامج الذي ينبغي أن تعمل عليه، وهذا يسهل مهمة كثير من الناس.

ولذلك عملية التعليم والدراسة والنجاح فيها، هذا داعم ويعطي القواعد الأساسية، وأنت تمتلك القواعد الأساسية، أما النجاح في العمل لو تأملت، فستجد بعضهم كانوا أوائل في الدراسة، لكنهم ليسوا أوائل في الحياة العملية، وتجد من كان متأخرًا دراسيًا، لكنه متفوق في الحياة العملية، ولذلك أرجو أن تعيش الحياة بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد -سبحانه وتعالى-، وتحاول أن تتعلم ممن حولك، وتستفيد من تجارب الناس وخبراتهم، وتجلس إلى جوار من يستطيع أن يفيدك من خبراته وتجاربه.

واعلم أننا جميعًا وكل من عمل، وكل من عاش الحياة العملية بدأ من الصفر، رغم أنه درس، وقد يكون متفوقًا، لكن عندما دخل إلى ساحة العمل قد يأتي من هو أقل منه في التعليم ليعلمه طرائق العمل والوسائل، والنظام الذي تعمل به الشركة أو المؤسسة أو الوزارة، لذلك أرجو أن لا تنزعج طويلًا، وأما الكلام مع الناس فكن مستمعًا إليهم بهدوء، لكن افعل ما تراه صوابًا، فليس كل ما يأتيك من الناس صواب.

وكما قلنا الناس لا يعجبهم العجب، ولا يعجبهم شيء في هذه الحياة، ورضاهم غاية لا تدرك، والعقلاء أمثالك يجعلون هدفهم إرضاء الله، فإذا رضي الله عن الإنسان أرضى عنه الخلق: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا).

وأنت في شهر الصيام أكثر من اللجوء إلى الله، فإن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، ولا تتوقف عن المحاولات، واعلم أن لكل أجل كتاب، الإنسان يبحث ويجتهد، لكن وقت النجاح هذا من تقدير الكريم الفتاح -سبحانه وتعالى-، والمؤمن عليه أن يعمل بالأسباب، ثم يرضى بما يقدر الكريم الوهاب -سبحانه وتعالى-.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً