الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أن أبي ظلمني بتدخله في مستقبلي الدراسي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا شاب بعمر 18 سنة، وقد ظُلمت من أبي في أحد الاختبارات، بحيث أردت مذاكرة الاختبار، ولكن والدي لم يسمح لي، وألزمني بمذاكرة اختبار آخر غير مهم، وليس عليه أي درجة، لنسبة القبول في المكان الذي أريد التقديم عليه، وذاكرت للاختبار غير المهم ونجحت فيه.

أما في الاختبار المهم المسؤول عن مستقبلي، ووظيفتي، وحياتي المستقبلية فقد فشلت فيه بسبب أبي، الذي أمرني أن أذاكر ذلك في مدة قليلة ومتأخرة.

كنت أتحدث معه قبل ما يحدث الكلام هذا بمدة 4 أشهر، وهي الفترة الكافية لنيل نسبة عالية في هذا الاختبار، وكنت أريد مذاكرة الاختبار المهم، ولكن لم يسمح لي.

أشعر أني أكره أبي ولا أريد رؤيته، وجلست 3 ليالٍ أبكي ودمعي على خدي لا يتوقف، من القهر والظلم الذي شعرت به!

أشيروا علي ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohammed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ونسأل الله أن يعوضك خيراً على طاعتك وبِرّك لوالدك، وأن يجعل ما أصابك سبباً في خير تلقاه في عاقبة أمرك بعون الله تعالى.

اعلم –وفقك الله– أن طاعة الوالدين واجبة، ولكنها طاعة مشروطة بالمعروف، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وما دام أن هذا الأمر متعلق بقضايا دنيوية؛ فكان من الأصوب أن تجتهد في توضيح هذا الأمر لوالدك، وأن تستعين بغيرك ليوضح له هذا الأمر، كما كان من الممكن أن تستعين بالمدرسة، أو الجهة التي تدرس فيها لتوضيح هذا الأمر، لأن والدك يرى من وجهة نظره، ويريد بلا شك مصلحتك، ولكنه قد لا يرى الواقع الحقيقي الذي تعيشه أنت أو تمارسه بشكل واقعي، أو لا يعرف طموحك وأهدافك التي تسعى إليها.

لذلك ننصحك -أخي الكريم- أن لا تكره والدك، فله حق لا يسقطه أبداً هذا الأمر، وأحسن الظن به، فإنه ما فعل ذلك إلا سعياً لتحقيق الخير لك، فعليك أن تجتهد في بره، وطاعته بالمعروف ما استطعت لذلك، حتى يوفقك الله في أمور حياتك الأخرى، فالبر والإحسان للوالدين من الأجور المعجل ثوابها، وخيرها في الدنيا والآخرة.

أما لو أمرك بخطأ أو بمعصية، فلك أن توضح له وتبين له جانب الصواب بكل رفق ولين، فإن رضي فالحمد لله، وإن لم يرض فلا بأس بمخالفة أمره، مع بقاء حقة في الإحسان والبر.

انظر للجانب الإيجابي الذي ربما يصيبك من هذا الأمر، ولا تنظر فقط للجانب السلبي، فالله يقول: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، فالكثير من الأحداث قد تكون في نظرنا سلبية، لكن فيها جوانب خير لا نعلمها أو تأتي بعد حين.

لذلك تعامل مع هذا الموقف كتحدٍ يمكنك التغلب عليه وتحسين وضعك وحياتك بعده للأفضل، واجتهد أن لا تعيش أو تستمر في تذكر ألم هذه التجربة، وهذا الموقف من والدك، لأن هذا سيجعلك تعيش حياة الحزن والألم بشكل مستمر، وهذا بدوره سيمنعك من الإنجاز أو تدارك الخطأ، أو تحقيق أهدافك في المستقبل، وسيدفعك إلى النفور من والدك، وتجاهل فضله في أمور أخرى، وربما يبعدك عن عائلتك بأكملها، وعائلتك بلا شك لها حق وأهمية في حياتك ونجاحك في الحياة.

لذلك هذا الخطأ يمكن تعويضه وتداركه في المستقبل، ولا تزال في مقتبل العمر، لديك فرص كثيرة لتعديل الأخطاء والنجاح والتفوق وتحقيق الأهداف.

وفقك الله ويسر أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً