الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتدرج في تعلم الفقه الشافعي؟

السؤال

السلام عليكم

عزمت على طلب العلم، ولا يمكنني أخذ العلم على شيخ، فقررت الاستعانة بالشروح على الإنترنت، وسؤالي بخصوص الفقه، علمت أن الأفضل دراسة فقه البلد، ثم الفقه المقارن، وهذه هي الكتب التي توصلت إلى أنها الأهم في المذهب الشافعي:

١.هل كطالب علم أحتاج لدراسة كل هذه الكتب التي سأذكرها، أم أن بعضها يهم فقط المقلدين للمذهب الشافعي والمتخصصين؟ أم هي ضرورية لكل طالب علم؟
٢. أرجو تصنيف الكتب إلى مراحل ((مبتدئًا، ومتوسطًا، ومتقدمًا))، وذكر المنهجية الصحيحة.
٣. هل يكتفى بالشروح دون المتون الأصلية أم أن دراسة الأصل مهمة؟
٤. ينصح أن أبدأ بمتن كامل في الفقه قبل تعلم أصول الفقه، ثم التوسع في الفقه، فأي من هذه الكتب يصلح كمختصر؟

والكتب هي:
ـ سفينة النجاة: نيل الرجا، كاشفة السجا، تنبيه ذوي الحجا، سفينة الصلاة.
ـ المقدمة الحضرمية: المنهج القويم، وحواشي الكردي والترسي والجوهري وبا فضل.
ـ الغاية والتقريب: كفاية الأخيار، فتح القريب المجيب، وحواشي الشيراملسي، والبيرماوي، والبيجوري، ونووي الحاوي، والإقناع وحواشي القليوبي، والمدابغي، وتحفة الحبيب.
ـ عمدة السالك وعدة المناسك.
ـ فتح المعين، وحواشي باصبرين، والدمياطي والسقاف.
ـ الياقوت النفيس.
ـ منهاج الطالبين وشروحه:
ـ التحفة وحاشيتا الشرواني وابن القاسم.
ـ النهاية.
ـ المغني.
ـ الكنز وحاشيتا القليوبي وعميرة.
ـ والسراج الوهاج.

فتح الوهاب حاشية على منهج الطلاب، وحاشية الجمل والبجيرمي.
ـ الأم للشافعي.
ـ أسنى المطالب.
ـ البيان للعمراني.
ـ المجموع للنووي.
ـ الحاوي للماوردي.
ـ العزيز شرح الوجيز للماوردي.
ـ روض الطالبين.
ـ فتح الجواد.
ـ صفوة الزبد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهند حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإيّاك العلم النافع والعمل الصالح، ونهنئك -أيها الحبيب- بما مَنَّ الله تعالى به عليك من الرغبة في تحصيل العلم الشرعي وتحبيبه إلى قلبك، وهذا بداية الخير، فـ «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ ‌بِهِ ‌خَيْرًا ‌يُفَقِّهُّ فِي الدِّينِ»، هكذا قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-.

وقد أصبت -أيها الحبيب- أنه لا بد لطالب العلم أن يتدرّج، فإن الربّانية في طلب العلم تقتضي أن يحصّل الإنسان صغار العلم قبل كِباره، كما قال الله: (وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُون)، والرّبانية هنا معناها: مَن يُعلّم الناس صغار العلم قبل كِباره.

وهذه الكتب التي ذكرتها في سؤالك هي كلها كتب في بيان مذهب الشافعية، ومنها المختصر، ومنها المتوسط، ومنها المطوّل، وهي صالحة لطلَّاب العلم على اختلاف درجاتهم ومراتبهم في الطلب، ونصيحتنا لك ألَّا تُشتت ذهنك، وألَّا تُكلّف نفسك ما يعسر عليك دراسته من أوّل الطريق، وألَّا تتسبّب في انغلاق ذهنك، فإن الذهن إذا انغلق في أوّل الطريق، صعب عليه بعد ذلك أن ينفتح ويفهم العلوم التي تُعرض عليه، ولهذا اعتنى العلماء بتقسيم العلم إلى مراحل.

وأنت لا تزال تعيش في أوّل الطريق، ولكنّك بالخطوات السليمة الصحيحة ستصل، وقد قال الشاعر:
اطلُبِ العِلمَ ولا تكسَل فما .. أبعَدَ الخيرَ علىٰ أهلِ الكَسَل
لا تَقُل قَد ذَهَبت أربابُهُ .. كُلُّ من سارَ علىٰ الدربِ وَصل

وأنت ستصل بإذن الله تعالى.

نصيحتنا لك أولًا: أن تقتصر على دراسة الكتب للمرحلة الأولى من الطلب، الكتب التي يسهل عليك أن تدرسها وتفهمها، وإذا تمكّنت من التتلمذ على يد أحد المشايخ والعلماء الذين يُعرفون بالعلم، ويُدركون مسائله على وجه سليم صحيح؛ فهذا خيرٌ لك من التتلمذ على الدروس المسجلة؛ لأنك عُرضة لأن تفهم الأمر على خلاف ما هو عليه، وقد يُشكلُ عليك ما تحتاج إلى الاستيضاح منه، إلى غير ذلك من المنافع التي يُحصّلُها الإنسان بالتتلمذ على الشيخ.

ولكن إذا تعسّر هذا فإن هذه الوسيلة التي هُديت إليها أيضًا وسيلة مناسبة ونافعة، وستُحصّل من خلالها خيرًا كثيرًا إذا سمعتَ الدروس المسجلة، والدروس المسجلة ولله الحمد كثيرة.

ننصحك بكتب المرحلة الأولى، فيمكنك أن تدرس المقدمة الحضرمية، أو متن أبي شجاع المسمّى بـ (الغاية والتقريب). فهذه المرحلة تصلح لها هذه الكتب، ثم تأتي المرحلة التي بعدها، كأن تدرس (نظم الزُّبد) مثلًا، أو (عمدة السالك).

وهناك كتب سهلة ويسيرة، منها الكتاب المعاصر الذي وضعه رجلان من أهل العلم، ممّن ينتسبون إلى فقه الشافعية، واسمه (الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي)، فإنه مكتوب بأسلوب مُعاصر، ومُقرّب للطريقة المنهجية التي يسهل على الطالب استيعاب ما فيه، وفهم المحتوى الموجود فيه، فإذا استطعت أن تجد من تقرأ معه هذا الكتاب فإنك ستصل -بإذن الله تعالى- إلى الإحاطة بشيء كثير من فقه الشافعية.

وإذا بدأت الطريق ودرست هذا المحتوى فإنه حينها ستنفتح لك الطريق، وستدرك ما ينبغي أن يُقدّم وما ينبغي أن يُؤخّر.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً