الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس الموت أرقني وحرمني السعادة، فهل يمكن تجاوزه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ فترة من الزمن أصبت بهلاوس ونوبات هلع وأفكار سلبية كثيرة حول أني سأموت قريبًا، واقتراب أيامي الأخيرة في الحياة، ولو ضحكت أو لعبت أو أكلت أو نمت فكلها علامات تدل على اقتراب الأجل، وما يلحقه من خوف واضطراب، خاصة بعد أن قمت بربط كل ما حصل وما يحصل في حياتي كسبب لموتي، حتى وإن كان كلامًا عابرًا قلته سابقًا حول الموت، فأقول: إن أجلي أخذ حينها وأني فعلًا سأموت! أعلم أنه تفكير غير سليم، وأرق حياتي، وعندما حاولت تقبل الفكرة أشعر وكأنها ستحصل وسأنتهي، أتمنى الرد على استفساري، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، وأن يطيل الله تعالى عمرك في عمل الصالحات.

هذه الأفكار المزعجة التي تراودك هي أفكار وسواسية، ولا شك في ذلك، وساوس الخوف من الموت وساوس منتشرة، ودائماً تجد الإنسان يعيش تحت هذا التهديد، تهديد أنه سيموت، نعم الإنسان سيموت ولا شك في ذلك قال تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون}، لكن لا أحد يعلم أجله مطلقًا، قال تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}، هذا الذي يأتيك هو فكر وسواسي متسلط عليك، وهو ليس حقيقة، ولذا يجب أن تحقريه، ويجب أن تتجاهليه تمامًا، ولا تهتمي به أبدًا، وتستبدليه بأفكار أخرى جميلة حول الحياة، حول الاستمتاع بالحياة، حول أن تكوني طالبة متميزة ومسلمة صالحة، وبارة بوالديك، وأن تستمتعي بحياتك، وأن يرزقك الله تعالى الزوج الصالح، وأن تتحصلي على أعلى الدرجات العلمية، وأن تكوني دائمًا نافعة لنفسك ولغيرك، هكذا -أيتها الفاضلة الكريمة- تتعاملين مع الوسواس من الناحية الفكرية.

ويجب أن لا تحاوري الوسواس، حين تأتيك هذه الاجترارات الفكرية خاطبي الوسواس كأنك تخاطبين شخصًا أمامك، قولي: أنت وسواس حقير، أنا لن أهتم بك أبدًا، اذهب عني وبعد ذلك ابدئي وفكري في الحياة وفي جمال الحياة، وكيف أن الله تعالى قد كرم الإنسان، وأن الإنسان خلق لعمارة هذه الأرض وهكذا، تسترسلين في أفكار أخرى، أفكار جميلة وأفكار طيبة.

وأنا أريد أن أبشرك بأن العلاج الدوائي ممتاز جدًا في علاج مثل حالتك، هذه المخاوف الوسواسية تستجيب بصورة قاطعة لدواء يسمى استالبرام، ولدواء آخر يسمى سيرترالين، كلاهما من الأدوية الرائعة، من الأدوية السليمة، من الأدوية الفاعلة، وبجانب التطبيق السلوكي الذي ذكرته لك أنصحك بتناول أحد الأدوية التي ذكرتها، تشاوري مع أسرتك حول هذا الموضوع، وطبعًا إذا ذهبت إلى طبيب نفسي هذا سيكون إضافة إيجابية جدًا بالنسبة لك.

عمومًا حالتك بسيطة وحالتك واضحة، لكن نريدها أن تزول عنك تمامًا، سوف أذكر لك جرعة السيرترالين، الحبة تحتوي على 50 ملجم يبدأ الإنسان بتناول نصفها، أي 25 ملجم يوميًا لمدة 10 أيام، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى 50 ملجم يوميًا أي حبة كاملة لمدة شهر، ثم ترفع إلى حبتين في اليوم يمكن تناولها كجرعة واحدة في أثناء النهار مثلًا، وإذا سببت نعاسًا يتناولها الإنسان ليلًا، هذه الجرعة هي الـ 100 مليجرام، استمري عليها على الأقل لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة، أي 50 ملجم يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعليها 25 ملجم يوميًا، لمدة أسبوعين، ثم 25 ملجم يومًا بعد يوم، لمدة أسبوعين، ثم توقفين عن تناول الدواء.

السيرترالين دواء رائع، دواء غير إدماني، ولا يسبب أي ضرر للهرمونات النسائية، فقط ربما يفتح الشهية قليلًا نحو الطعام، فإن حدث شيء من هذا يجب أن يتحوط الإنسان حتى لا يزيد وزنه، الجرعة القصوى لهذا الدواء هي 200 مليجرام في اليوم، أي 4 حبات في اليوم، لكن لا أراك في حاجة لهذه الجرعة أبدًا.

أيتها الفاضلة الكريمة: طبعًا تنظيم الوقت، والتخلص من الفراغ الزمني والفراغ الذهني، والنوم الليلي المبكر، وممارسة الرياضة، وممارسة تمارين الاسترخاء، مثل تمارين التنفس المتدرجة، وتمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها كل هذه ذو فائدة علاجية لعلاج الوساوس القهرية؛ لأن الوسواس يتغذى من خلال القلق النفسي الموجود، فما ذكرته لك هي أحد الأسس الرئيسية لعلاج القلق النفسي، بل لتطويره من قلق سلبي إلى قلق إيجابي يساعد الإنسان في الارتقاء بصحته النفسية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً