الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختفت حالة الخوف من الموت ثم عادت مخاوف غيرها!

السؤال

السلام عليكم
أنا رجل متزوج، عمري 39 عاماً، عانيت وأنا بعمر 18 فترة سنة تقريباً، من الخوف من الموت، وذهبت عني هذه الحالة، ثم عادت بعمر 26 كانت فترة خطبتي، أيضاً لمدة سنة ثم ذهبت، وحياتي عادت طبيعية بعد الزواج، وكانت شخصيتي قوية، ولا أخاف من شيء، حتى قبل أربع سنوات صارت عندي حالة خوف شديد من مرض خطير، وخوف من أي شيء، حتى أبسط الأشياء، لو مشكلة صغيرة أخاف منها، وأكبرها، وأبقى أفكر فيها تفكيراً سلبياً، وشخصيتي أصبحت ضعيفة، وأصبحت حياتي جحيماً، صرت أتمنى التخلص من الحياة وأرتاح، ولا أحب العلاقات مع الناس، والحالة تذهب فترة بسيطة وتعود فترة، تذهب لأسبوعين وتعود أسبوعين، وأبقى متوتراً طوال الوقت، حتى وأنا في العمل، وحتى لو خرجت لنزهة بعد العمل أو في العطلة، وأخاف من شيء مجهول، ولا أستطيع مواجهة أي مشكلة تحصل لي!

دائماً أشعر بخفقان في رأسي، خاصة عندما أذهب للنوم، وإذا كنت متعباً من العمل يكون الخفقان قوياً، وأنا أصلي كل صلواتي، وأقرأ القرآن، وأذكر الله، وأخاف الله بكل شيء -الحمد لله- وقرأت في النت، وعرفت أن عندي عقدة نفسية، ومع أني أعرف وأقول لنفسي: لم أخاف؟ ولكني أخاف، لا أستطيع حل المشكلة، ذهبت لطبيب نفسي ووصف لي دواء، ولم أشتره خوفاً من الأعراض أو أن يضرني!

أرجو منكم مساعدتي، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرحب بك في إسلام ويب.
أخي الذي تعاني منه هو حالة نفسية أو ظاهرة نفسية تعرف بقلق المخاوف، والحالة ليست خطيرة، حتى وإن كانت مزعجة بالنسبة لك، وهذا الخوف الذي عاد لك الآن بعد هذه السنوات من الاستقرار النفسي التام، ناتج من تجربة سابقة، ربما تكون في مرحلة الطفولة، تكون قد تعرضت لتجربة كان فيها خوف، كان فيها هرع.

وتجربة الخوف هذه ظلت معك وظلت خاملة، وكامنة لفترات طويلة، ثم بعد ذلك ظهرت على السطح، وهذا هو التاريخ الطبيعي لقلق المخاوف، يعني أن الإنسان قد يكون مر بتجربة تعرض فيها للخوف، بالرغم من أنه لا يذكرها الآن، لكن ظلت متواجدة، ظلت مسجلة، ومشفرة، على مستوى الدماغ، لتظهر في شكل أعراض نفسية متى ما أتيحت الفرصة لذلك.

إذًا هذا هو التفسير العلمي لحالتك، وهي ليست حالة خطرة أبدًا كما ذكرت لك، وطبعًا الشيء المكتسب أو الأشياء التي تعلمها الإنسان خاصة فيما يتعلق بالسلوك والمشاعر يمكن للإنسان أن يعدله من خلال فقدانه، من خلال أن يضيع هذا الاكتساب ويكتسب أشياء أخرى تكون بديلة له، وهذا -يا أخي- يتم من خلال أن تحقر فكرة الخوف هذه، وأن لا تتهم نفسك أبدًا بأن شخصيتك أصبحت ضعيفة، لا، هذا ليس بصحيح؛ هذه مشاعر إنسانية، لكنها سلبية، وأنت -الحمد لله- شخصيتك قوية ومتوازنة، ولديك مهارات، ولديك إمكانيات، فلا تحقر نفسك أبدًا، ولا تقلل من شأنها، واستفد من قوة حاضرك، بمعنى أن تحسن توزيع اليوم، أن تدير اليوم بصورة جيدة، أن تنام فقط النوم الليلي، تتجنب أي نوم نهاري -والحمد لله- أنت لديك عمل ومجتهد في عملك، وهذا أيضًا يساعدك على حسن إدارة الوقت، وأيضًا -الحمد لله- أنت تؤدي صلواتك، ولديك ورد قرآني يومي، وتحافظ على أذكارك وأنت بخير الحمد لله.

هذه كلها نسميها عوامل الحماية، فأنت لديك عوامل حماية كبيرة، ولديك الأسرة أيضًا، لديك الزوجة، لديك الذرية، وهذه كلها عوامل حماية كبيرة جدًا يجب أن تساعدك في أن تتخلص من هذا القلق، من هذه المخاوف، وذلك من خلال تحقيرها.

بقي أن أقول لك: إن الدواء مهم، والأخ الطبيب الذي وصف لك الدواء كان صائبًا، فاستعمال الدواء أيضًا ضروري حتى يزيل عنك هذه الأعراض، أنت لم تذكر لي اسم الدواء الذي وصفه لك الطبيب، لكن أحسن دواء هو عقار يسمى سيبرالكس، نعم هذا هو اسمه التجاري، ويسمى علميًا استالبرام، هو من الأدوية الطيبة، من الأدوية الجيدة، والتي كثيرًا ما نصفها للناس، ويستفيدون منه كثيرًا.

جرعة السيبرالكس هي أن تبدأ بـ 5 ملجم، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 10 ملجم، تناول جرعة البداية هذه لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة واحدة يوميًا، أي 10 ملجم، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها 5 ملجم يوميًا لمدة شهرًا، ثم 5 ملجم يومًا بعد يوم لمدة شهرًا آخر ثم توقف عن تناول الدواء.

وهذ الدواء -أخي- لا يسبب الإدمان أبدًا، فهو دواء ممتاز، ودواء فعال جدًا، والجرعة التي وصفناها لك هي الجرعة الصغيرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً