الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من شعور الندم المستمر بسبب تفريطي؟

السؤال

السلام عليكم.

كيف أتخلص من الشعور بالندم المستمر؟ فأنا أندم على ضياع عمري، وأتمنى لو أعود وأغير أشياء، ولا أضيع كل هذا الوقت في التفاهات.

الأيام أراها تمشي بسرعة، وروتينية، وأنا على حالي لا تطور ولا تقدم، أشعر بالضيق حين أتذكر أن الله إذا شاء قبض روحي في أي لحظة، وبصفحاتي القليل من الأعمال الصالحة، وأخاف أن أحرم من الجنة بسبب أن ذنوبي أكثر من أعمالي الصالحة!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فُضلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الندم شعور يصيب الإنسان عندما يشعر بأنه أخطأ، أو افتقد إلى القيام بشيء معين، فمشاعر الندم جزء طبيعي من حياة الإنسان، والمهم هو كيفية التعامل معها والتعلُّم منها، وأيضاً عدم البقاء والاستمرار فيها؛ فالندم هو مشاعر صحية عندما يكون بالقدر الصحيح، وبالأثر الصحيح الذي يدفع للتغيير، ويكون الندم سلبياً عندما يكون بشكل دائم، ولا يدفع للتغير أو البناء الذاتي والنفسي.

ويمكن أن نساعدك ببعض النصائح التي تقلل من تأثير الندم، وتحوله إلى وضعه الطبيعي من خلال الآتي:

أولاً: عليك أن تفهمي الغاية والهدف من مشاعر الندم، فالفهم لهذه المشاعر يجعلنا نضعها في مكانها الصحيح، والهدف من الندم هو إثارة الجانب الشعوري في النفس لوجود خطأ ليبادر الإنسان إلى التغيير والتصحيح، ولنا أن نتخيل إنساناً لا يشعر بالندم أبداً! ستغرق حياته بالأخطاء والانحرافات دون أن يفكر بتصحيحها أو تعديلها.

ثانياً: توجيه الندم، ويتم من خلال تصنيف الأشياء التي تستحق الندم، والأشياء التي لا تستحق، وأيضاً مقدار الندم وحجمه، فليست الأحداث متساوية، وبالتالي فمقدار وحجم الندم ينبغي أن يختلف، وعندما يصبح الندم بشكل واحد فهذا يؤدي إلى مظاهر سلبية، وقلق دائم كالذي تمرين به؛ فالتصنيف يجعلنا نضع مراتب ومقادير للندم، ويتحقق ذلك بجلسات تأمل ومسائلة للنفس عندما تأتي مشاعر الندم.

ثالثاً: النظر للماضي وما فيه من أحداث وأخطاء بمنظور مختلف، يقوم على أساس أن كل تلك الأحداث والتجارب والأخطاء شيء طبيعي يتعلم منه الإنسان، ويضيفه إلى نفسه كتجارب في الحياة يتعلم منها كيف يبني نفسه، ويصحح مساره.

رابعاً: ربط حدوث مشاعر الندم بالأسباب المباشرة الممكن تغييرها وليس بالذات؛ بمعنى ينبغي أن يكون الندم مرتبطاً بتجاهل أسباب النجاح أو التوفيق؛ كعدم الجدية، أو التخطيط، أو المبادرة، والتي يمكن تغييرها وتنميتها في المستقبل، وليس باتهام الذات بالفاشل، أو الخذلان، أو سوء الزمان، أو أي نوع من الإسقاط النفسي، هذا الأمر سيوجه مسار الندم إلى مكانه الصحيح الذي يمكن تداركه والاستفادة منه.

خامساً: تنظيم وترتيب الحياة، ابتداءً بوجود هدف كبير، ثم وجود أهداف مرحلية توصل لهذا الهدف الكبير، وانتهاءً بتنظيم الوسائل والأسباب التي توصلك إلى تحقيق كل ذلك، تنظيم الحياة يقلل من هدر الوقت، ويساعد على استغلال الفرص، وتحقيق الإنجازات، وكل هذا يقلل من مشاعر الندم في الحياة.

أختي الفاضلة، لا بد أن يكون لديك إنجازات في حياتك اليومية، ولو كانت هذه الإنجازات صغيرة جداً؛ فمثلاً: المحافظة على الصلوات الخمس في وقتها، وقراءة ورد من القرآن، ولزوم ذكر الله، وحفظ شيء من القرآن، يشعرك بالإنجاز.

المبادرة بالأعمال التطوعية، ومساعدة الآخرين؛ كالدعوة إلى الله، أو أي فعالية تقدم المعونة، والمساعدة للآخرين، كل ذلك يشعرك بالإنجاز أيضاً؛ ومشاعر الإنجاز ستشعرك بروح النجاح والعطاء، وهذه المشاعر تتغلب على مشاعر الندم الدائم.

ننصحك -أختي-: أن تنمي علاقتك بالله تعالى، فأكثري من الدعاء وذكر الله تعالى، وقراءة القرآن وحفظه، وأن تعيشي في بيئة تتفاعل مع المجتمع، وتبادر إلى العطاء بكل ما تملك من خير، فكل هذا يساعدك للتخلص من مشاعر الندم، ويشعرك بأن لك قيمة وهدفاً في الحياة.

أما الذنوب فدواؤها الاستغفار والتوبة، والله كريم يقبل التوبة ويغفر السيئات، فلا تيأسي من رحمة الله وفضله، وبادري إلى التوبة دون تأخير، فإن حققت شروط التوبة من: الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم الرجوع إليه؛ قَبِلَ الله توبتك، وغفر ذنبك، بفضله وكرمه.

وفقك الله، وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً