الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كنت متفوقة وناجحة في دراستي ثم ضعف مستواي، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت من المتفوقات جدًا في الدراسة، وكنت أحصل على المركز الأول معظم السنوات، إلى أن مررتُ بصعوبات في الدراسة في الصف الثالث الثانوي، ولكن -الحمد لله- حصلتُ على مجموع جبر قلبي وقلب والدتي، والتحقتُ بإحدى كليات القمة كما يسمونها، وكانت هذه الكلية هي حلمي.

بعد التحاقي بالكلية، أُوهِمتُ بصعوبة المنهج لأن الدراسة كانت بالإنجليزية، وانحدر مستوايَ الدراسي، ولكن مع ظروف البلاد أثناء جائحة كورونا، نجحتُ رغم إهمالي.

في العام التالي، نجحتُ أيضًا، ولكن بدرجات ضعيفة جدًا، ورسبتُ في مادتين، من بينهما مادة تغيبتُ عن الاختبار فيها بسبب خوفي الشديد من الرسوب.

في العام الثالث، مررتُ بظروف أسرية صعبة، لكن تجاوزتُ الأمر بفضل الله، وخرجتُ للعمل، ونجحتُ جدًا فيه، وكنتُ من المميزين القلائل في هذا المجال، لكنني أهملتُ الدراسة أكثر، وعندما جاء موعد الاختبارات، وجدتُ الوقت قليلًا جدًا للتحصيل، وللأسف لم أتقدم للاختبارات خوفًا من الرسوب.

في العام التالي، تكرر نفس الأمر: هروب من الدراسة، وخوف، وقلق شديد، ولا أستطيع الدراسة، ولا أستطيع سماع نصف محاضرة، بل لدي هروب، ونوم، وأتلهى بأي شيء غير الدراسة.

استمرت المماطلة إلى ليلة الامتحان، حيث أحاول تحصيل القليل بسبب ضيق الوقت، لكن ينتابني الخوف الشديد لدرجة أشعر معها أن قلبي سيتوقف، واستمر الوضع هكذا، وتخلفتُ عن مادتين.

عرضتُ نفسي على طبيبة نفسية، فشخصت حالتي بالاكتئاب وفوبيا الامتحانات، وتناولتُ مضادات الاكتئاب، ثم توكلتُ على الله وتقدمتُ لبقية الاختبارات، لكن كان أدائي ضعيفًا، ورسبتُ مرة أخرى، والآن أعيد السنة للمرة الثالثة، والوضع مستمر، لكن طفح الكيل، ولا بد أن أتصرف مع نفسي.

بحثتُ كثيرًا عن طلاب يمرون بمثل حالتي، فوجدتُ فتاوى على موقعكم تشير إلى أن ذلك قد يكون بسبب عين أو حسد، وأنا لا ألقي اللوم على العين أو الحسد، فأنا أعلم جيدًا أنني المذنبة، لكن بدأتُ في الرقية الشرعية.

سؤالي: ماذا أفعل في حالة النجاح هذا العام؟ وماذا أفعل في حالة الرسوب؟ لقد فكرتُ كثيرًا في الانتقال إلى كلية أخرى، ولكني أحب مجالي جدًا، وأنا متميزة فيه وذكية، لكن الذكاء بدون مذاكرة ليس له أي فائدة، وليس لدي من أشكو له همي بعد الله، فأفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يكتب لك السلامة والعافية والتوفيق والنجاح، ونحب أن نؤكد لك أن العودة إلى ما كنت عليه ممكنة بتوفيق الله، فأحسني الظنَّ بالله، وابدئي بالسجود والخضوع والتوجّه إلى الله تبارك وتعالى، فإنه سبحانه يُجيب المضطر إذا دعاه، واجتهدي دائمًا في طاعته، فإن مَا عند الله من توفيقٍ وخيرٍ لا يُنالُ إلَّا بطاعته، وحافظي على أذكار المساء والصباح؛ فإنها نافعة فيما نزل، ومانعة لما لم ينزل، والإنسان بحاجة إلى أن يرتبط بالله تبارك وتعالى.

تذكّري أنك نجحت في بعض المجالات، لأن النجاح يقود إلى النجاح، وهذا دليل على أنك قادرة على النجاح، ويُعجبنا هذا الإصرار والحرص على الاستمرار في الدراسة، ونتمنّى أن تُراجعي المدرّسات الفاضلات الصالحات؛ لأنهنَّ أعرفُ بمستواك، وحاولي دائمًا تنظيم جدول للمذاكرة، وابحثي عن صديقات صالحات يُذاكرنَ معك، ويُشجعنك على طلب العلم.

نحن حقيقة لا نُؤيّد فكرة تغيير المجال وتغيير التخصص طالما أنت تُحبينه، ودائمًا الاستشارات العلمية الدقيقة الأفضل أن تُؤخذ ممَّن درستِ عليهنَّ من المعلِّمات، فهنَّ أعلم بقدراتك، وأعلم بحالك، وحاولي دائمًا أن تسترشدي بتوجيهات المعلِّمات، فإن الإنسان إذا نظّم وقته، وعرف الأشياء المهمّة والأساسية وركّز عليها؛ قد لا يحتاج إلى كثيرٍ من المذاكرة، فالمذاكرة تحتاج إلى معرفة بالأمور الأساسية والمعلومات الرئيسية في حفظ القوانين، وحفظ النظريات، و... ومثل هذه الأمور التي تُعين الإنسان على أن ينجح في دراسته.

عمومًا: أرجو ألَّا تتوقف المحاولات، فإن الإنسان إذا كرّر المحاولات، وتوجّه قبل ذلك وبعده إلى ربِّ الأرض والسماوات؛ ستأتي اللحظة التي يُوفَّقُ فيها وينجحُ فيها، ونسأل الله أن يُعينك على التفوّق والنجاح، ونسمع عنك كل خير، ونسعد بتواصلك مع الموقع، وأخذ إرشادات قُبيل الامتحانات، وقبل ذلك نظّمي جدول المذاكرة، وكوني قريبة من المعلِّمين والمعلِّمات، حتى يُبينوا لك الأشياء التي تحتاج إلى المزيد من التركيز.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والنجاح والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً