الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا وزوجتي نسمع عند النوم أصواتًا غريبة في البيت!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوج حديثًا، وألاحظ أنا وزوجتي عند النوم أصواتًا غريبة في البيت، مثل التخبيط أو كأن أحدًا يمشي داخل المنزل.

البيت كان مهجورًا لمدة 6 سنوات، ولم يدخله أحد طوال تلك الفترة، فهل من الممكن أن يكون هناك سحر أو عين من أحد؟

أرجو الرد: الحل في هذه الحالة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شريف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، نسأل الله أن يُسكّن قلبك، ويشرح صدرك، ويجعل بيتك دارًا للسكينة والإيمان.

لقد ذكرتَ في رسالتك أمرين مهمين:

الأول: أنك تشعر أنت وزوجتك أحيانًا بأصوات غريبة في البيت ليلًا، كأن هناك تخبيطًا أو خطوات مشي.

والثاني: أنك تخبر أن البيت كان مهجورًا، وهو ما ينصرف إلى بقاء هاجس داخلي قد يدفع إلى الشعور بالتوهم.

وعليه فما ذكرته من تلك الأصوات قد يكون له أسباب متعددة، منها ما هو ماديّ طبيعي (مثل تمدد الأنابيب، أو أصوات الأجهزة أو الأرضيات) وغير ذلك، ومنها ما يتعلّق بالعامل النفسي، ومنها ما يتعلق بالسحر أو الحسد؛ لذا دعنا نفصل الأمر في النقاط التالية:

أولًا: من الناحية الشرعية، هناك فرق بين:

التخويف الشيطاني والأوهام النفسية، فالله تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوۡلِيَآءَهُ﴾ [آل عمران: 175]، وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: "لا تَجعلوا بيوتَكم قبورًا، فإن الشيطانَ ينفِرُ من البيتِ الذي تُقرأُ فيه سورةُ البقرةِ"، (رواه مسلم).

وأما الأوهام النفسية: فكثير من الناس إذا دخل بيتًا مهجورًا، أو جلس في هدوء غير معتاد، بدأ يُصغي لصوت الخشب، أو الهواء، أو الثلاجة، فتتضخّم الأصوات في خياله، وتصبح مرعبة، وهي في الأصل طبيعية تمامًا.

ثانيًا: كيف تميّز بين الأذى الحقيقي والوهم؟

الأذى الحقيقي: يتكرر، ويتعاظم، ويترك أثرًا (خوفًا شديدًا، أو كوابيس، أو ضيقًا دائمًا، أو سلوكًا غير طبيعي).

أما غير ذلك، فهو وساوس أو مشاعر عابرة يجب كسرها بالإيمان والثقة، وحتى تكسر هذا القلق اقطع دائما الظن باليقين، وذلك من خلال ما يلي:
- اقتنع أن الأمور طبيعية.
- إذا سمعت صوتًا، فاذهب مباشرة إلى مصدره، فربما وجدت السبب المادي وانتهى الأمر.
- لا تدقق كثيرًا في كل شيء حتى تتجاوز نقاط التوهم.

ثالثًا: خطوات عملية لحفظ البيت والنفس إن كان هناك عين أو حسد، أو ما شابه ذلك:

- التحصين اليومي:

- قراءة سورة البقرة (ولو على أيام).

- أذكار الصباح والمساء.

- دعاء دخول البيت: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ المَوْلَجِ وَخَيْرَ المَخْرَجِ، بِسْمِ اللهِ وَلَجْنَا وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وَعَلَى اللهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا".

- نشر الذكر في البيت: لا تجعل البيت صامتًا، بل أضئه بذكر الله، ومجالس القرآن، والصلاة.

- عدم الحديث كثيرًا عن هذه الظواهر؛ فالتركيز عليها يُضخّمها، ويجعلها تدور في الذهن حتى تتلبّس العقل دون سبب.

رابعًا: إن كنتما لا تزالان تشعران بشيء غير مريح رغم التحصين: فلا مانع من أن يُقرأ عليكم رقية شرعية صحيحة، لا تُدخل الوساوس، بل تهدف إلى الاطمئنان.

وتجنّبوا الرقاة الذين يُبالغون، أو يصفون كل شيء بأنه "سحر أو عين" بلا بيّنة.

ختامًا:
اطمئن؛ فإن الشيطان يخاف من الذكر، ويهرب من سورة البقرة، ولا يملك سلطانًا على أهل الصلاة والطهارة.

قُل في نفسك كلما شعرت بخوف: "أنا في بيت يذكر فيه اسم الله، فلا سلطان فيه لشيطان، ولا مقام فيه لوهم."

ونسأل الله أن يسكّن روعكما، ويجعل بيتكما مباركًا مطمئنًا عامرًا بالطاعة والسعادة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً