الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تعيش لوحدها وترفض مني العودة من الغربة للعيش معها!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت قد غادرت بلادي منذ سبع سنوات، وتركت أمي مع أختي في بيت واحد، وأخي مع زوجته في بيت آخر، واليوم قررت أختي أن تعيش في بيتها وحدها وتركت أمي لوحدها، مع العلم أنني أوفر لها كل شيء، وكذلك أخي.

فأردت أن أعود إلى بلادي وأعيش مع أمي، لكنها ترفض ذلك من أجل مستقبلي، وتخبرني بأنها على خير، فما حكم ذلك؟ وبماذا تنصحونني؟

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يشرح صدرك للحق، ويجمعك بوالدتك على خير وبرّ ورضا، ويكتب لك السداد في أمرك كله.

أولًا: جزاك الله خيرا على حرصك على برك بوالدتك، وهنا لا بد أن نوضح بعض النقاط :

- برّ الوالدة فرض عليك، قال الله: {وَقَضىٰ رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا}، وهو لا يقتصر على تلبية حاجتها المالية فقط، بل يتعدى ذلك إلى الأنس بها، وخدمتها، والقيام بشؤونها، وإزالة وحشتها.

ثانيًا: إذا لم يكن هناك من يسدّ حاجتها النفسية، فأنت مأجور على العودة، حتى وإن رفضت رجوعك من باب الحب والحرص، فإن علمك بأن أمّك وحيدة –ولو مع توافر الخدمات–، يوجب عليك إزالة هذا الشعور.

ثالثًا: إن كنتَ تقدر على الجمع بين خدمتها، وتحقيق مستقبلك، فهذا خير؛ لذا ننصحك بما يلي:

1- تأكد من حال والدتك عن قرب، قبل اتخاذ قرار نهائي، حاول أن تزور والدتك ولو زيارة مؤقتة -إجازة قصيرة-، لترى حالها بعينك:
- هل هي مرتاحة؟
- هل تشكو من الوحدة؟
- هل فعلاً تُفضّل بقاءك في غربتك لمستقبلك، أم تقول ذلك من باب الرحمة بك؟
- هل تستطيع أن تقنع أختك بالعدول عن قرارها وتعود إلى والدتك؟

2- اجمع بين البرّ والمستقبل، إن استطعت أن تؤسس حياتك وعملك في بلدك وتكون قريبًا منها، فهذا أنفع وأولى، أما إذا كانت غربتك ضرورة حالية –لأجل دراسة أو عمل لا يُمكن تعويضه–، فـاجتهد في التواصل اليومي معها، ورتّب من يخدمها ويؤنسها، ولو بأجر.

3- اعرض عليها أن تنتقل إليك، فإن أصرّت على بقائها في بلدها، فارضَ بقرارها، لكن ابقَ عينًا عليها، وتفقّد قلبها، لا جسدها فقط.

4- لا تُخالفها بالعصيان، ولكن خذ بالأسباب، إن أصرّت على رفض رجوعك، لكنك ترى أن بقاءها وحدها خطر عليها نفسيًا أو صحيًا؛ فلك أن تعود وتبرّها، وتحتسب ذلك عند الله، على ألا يكون رجوعك تهورًا، بل ترتيبًا حكيمًا.

خلاصة الجواب:
الأصل أن برّك بأمك مقدّم على غربتك إذا كانت وحيدة بلا أنيس، لكن إذا كانت بخير، وتريدك أن تبقى لبناء مستقبلك؛ فلا حرج في البقاء ما دمت تراعيها وتبرّها، والفيصل في القرار حالتها النفسية، ومدى حاجتها للأنس، لا للنفقة فقط.

نسأل الله أن يحفظك ويرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً