الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أتمكن من الزواج بالفتاة التي أحببتها سنوات، فهل أتركها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب على علاقة بفتاة منذ 7 سنوات، وقد حاولت خطبتها قبل 3 سنوات، إلا أنها رفضت، وأصرت أن نؤجل الخطبة إلى أن تكمل جامعتها نهاية هذه السنة، ولكن في السنة الماضية حالت بيننا تحديات، ولم يتبين لنا هل سنستطيع إتمام الزواج أم لا! لذلك أنا كثير التفكير في الأمر، ومهموم، ولا أقدر على التركيز، فقد كنت من قبل -رغم علمي بأن علاقتنا محرمة- متمسكًا بها بذريعة أننا سنتزوج، أما الآن فلا أدري ماذا أفعل! أخاف إن أنهيت العلاقة من أمرين:
أولهما: أن أؤذيها، فهي في حالة نفسية صعبة جدًا؛ حيث إنها تعيش في حرب، وقد فقدت من أهلها الكثير.
ثانيهما: أن أظهر وكأني كاذب ومخادع تسليت بها ثم رميتها.

بم تشيرون عليّ؟ وإن أشرتم بإنهاء العلاقة فكيف أنهيها مع تجنب وقوع الأمرين السابقين؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، ويصلح الأحوال، ونسأله -تبارك وتعالى- أن يتوب علينا وعليكم لنتوب، ونعود إليه سبحانه وتعالى.

وأول ما نوصيك به هو تصحيح هذه العلاقة، والتصحيح يبدأ بالتوقف التام عن هذه العلاقة؛ لأنها علاقة لم تُبنَ على أسس شرعية، وبعد التوبة النصوح والرجوع إلى الله -تبارك وتعالى- عليك أن تُكرِّر المحاولة، بأن تأتي إلى دارها من الباب، وتقابل أهلها الأحباب، وتتَقَدَّم في شكل خطبة رسمية لها، ولك أن تُدخل أصحاب الوجاهات، والذين يُسمع كلامهم من العلماء والدعاة والفضلاء، ولست مطالبًا بأن تفضح نفسك بأنه كانت بينكما علاقة سنوات طويلة، ولكن ما حصل من الخطأ يحتاج إلى توبة وتصحيح، ثم بعد ذلك نبدأ الإجراءات الصحيحة، كما قلنا: بالمجيء للبيوت من أبوابها.

فإن تيسّر هذا الأمر، خاصةً وأنت تقول هي الآن في نهاية السنة، فخلال هذه السنة تَقدّم بهذه الخطوة، فإن يسَّر الله الكريم، وجاء القبول الرسمي، وأصبحت العلاقة شرعية، مكشوفة؛ لأن الخطبة علاقة شرعية، مع أنها لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولا التوسّع معها في الكلام، لكنها علاقة تُتيح للخاطب أن يتواصل مع مخطوبته، ويسأل عن امتحانها ودراستها، ونحو ذلك من الأمور المهمة في حياة الإنسان، وبعد ذلك إذا انتهت من دراستها تُكمِلوا هذه المراسيم.

أمَّا إذا حاولت هذه المحاولة، وكان الصدود، وكان الرفض منها ومن أهلها، فقد أديتَ ما عليك، والآن بإمكانك أن تبحث عن أخرى. ونحب أن نؤكد أن المعاناة التي تجدها الفتاة وتحصل لك، كل ذلك هو ثمن هذا التقصير في طاعة الله، وهذه التجاوزات، لكن مع ذلك، هذا كله أهون من انتظار السراب، وانتظار علاقة قد لا تكتمل، ونسأل الله أن يُقدّر لكم الخير، ثم يرضيكم به.

ولا ذنب لك بعد ذلك إذا قمت بالعلاقة بطريقة صحيحة، وجئت إلى أهلها، وقابلت محارمها، وحصل الرفض منها ومنهم، فأنت معذور في هذه الناحية، ولن تظهر في مظهر المخادع الكاذب الذي يريد أن يعبث، وهذا كله كما مضى، أتمنى أن تجبُّه التوبة التي بدأت فيها هذا التصحيح.

فالتصحيح يبدأ بتوقّف، ثم توبة نصوح، ثم محاولة تأسيس علاقة على أسس صحيحة، فإن نجحت فبها ونعمت، وإن جاءت الأخرى -وجاء الرفض- فقد أديت ما عليك، واستأْنِف الحسنات الماحية بعد ذلك، واجتهد في أن تُكمل نصف دينك، ولا تفعل مع بنات الناس ما لا ترضاه لأخواتك وعمّاتك وخالاتك، واعلم أن صيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين.

نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم توبةً نصوحًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً