الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تحقق الرؤى قائم على نوع التفسير؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عزباء في الخامسة والعشرين من عمري، وكلما تقدم لي خاطب ينتهي الموضوع بدون سبب واضح، في البداية كنت أرفض الخطاب وأنفر منهم، ثم تغير الوضع وأصبح الخطاب لا يرونني، ويرفضونني دون أسباب معلنة.

منذ بضعة أيام حلمت بحلم جميل، لكن المفسر أصر على أن يخفي تفسيره لمصلحتي، ومع ذلك أصبحت خائفة، وبدأت أفسر الحلم بطريقة سيئة في ذهني وأخاف منه، وعندما تحدثت مع المفسر، قال لي: لماذا لا تنسين الحلم وتستمرين في الحديث عنه بطريقة مختلفة، حتى يتغير تفسيره؟

أنا خائفة، فهل يتغير تفسير حلمي بعد أن كان جميلاً بسبب وسواسي؟ خصوصًا أن التفسيرات السلبية التي في نفسي ليست مني فعلاً، بل نابعة من وسواس، والمشكلة أنني لا أحاربه، بل أستمر في الحديث عن خوفي من الحلم، هل ما أخافه قد يتحقق بسبب هذه الوساوس؟ وهل يمكن أن يغير ذلك من رؤيتي للحلم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يطمئن قلبك، ويرزقك السكينة، ويملأ حياتك فرحًا وصلاحًا وبركة.

قرأنا كلماتك، وفيها خوفٌ فطريّ، ووسواس يتسلل إلى عمق نفسك، ويربك يقينك، لذا نريد منك أن تنتبهي جيدًا لما نذكره لك:

أولًا: الرؤى لا تضرّك ما دمتِ مع الله، والرؤيا الصالحة من الله، أما غيرها فهي من الشيطان، فاطمئني، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان"، فإذا رأيتِ رؤيا جميلة ثم أخافك الشيطان من معناها، أو وسوس إليكِ أنها ستُفسر بشرّ، أو أنها لن تقع، أو أنك ظلمتِ نفسك فيها، فاعلمي أن هذا من كيده لا من الرؤيا، وقد أرشدك النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، إن وجدتِ في المنام أو اليقظة ما يخيفك، أن تقولي: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"، ثم لا تُحدثي بها أحدًا، ولا تجعليها سجناً لكِ، بل اجعليها بوابة للتوكل على الله.

ثانيًا: هل يتغير تفسير الرؤيا إن خفت منها أو وسوست فيها؟
الجواب: لا؛ الرؤيا الصادقة لا تتأثر بوساوسك أو خوفك، فهي من الشيطان، ومبناها على ما تُوسوس به النفس، لا على ما رُئي في الحلم، فعندما تخافين أو تقلقين أو تتخيلين شرًّا، فأنتِ لا تغيّرين الرؤيا، بل تؤذين نفسك، وتفتحين بابًا للشيطان، ليُربكك ويقطع عليكِ طريق السكينة.

ثالثًا: ماذا أفعل إذا خفت من رؤيا أو من تفسيرها؟
- اقطعي الوساوس من أصلها، وقولي: "اللهم إن كانت خيرًا فاجعلها لي بشرى، وإن كانت شرًا فاكفني شرها".

- لا تحدثي بها أحدًا ممن يُخيفك أو يُقلقك، وقد أحسنتِ حين صرّح المفسّر بأنه أخفى عنك لأجلك، وهذا يدل على حرصه، لا على خوفٍ حقيقي.

- استعيذي بالله من الشيطان، وغيّري مجرى التفكير فورًا، وافعلي كما أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فليبصق عن يساره ثلاثًا، وليتعوّذ بالله من الشيطان، ولا يحدث بها أحدًا فإنها لا تضره".

- لا تتبني تفسيرًا لمجرد أنك خائفة منه، فالله لا يعاقب عباده بتفسير وسواس، ولا يجري القدر على وساوس العباد، بل على حكمته وعدله ورحمته.

رابعًا: أما عن تأخر الخطبة والرفض، فثقي أن الأمر ليس دليلاً على سحر أو سوء حظ أو رؤيا مزعجة، بل ربما الله يصرف عنك من لا يناسبك وأنت لا تعلمين، وربما يريد لك قدرًا أعظم، لكنه يختبر فيك الصبر، وربما الوقت لم يحن بعد، والرزق لا يُستعجل، إنما يأتي بأجله، وقد قال الله تعالى: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}.

خامسًا: خطوات عملية لتجاوز الخوف والوسواس:
- ثقي بالله أكثر مما تخافين من الرؤيا، فقلبك بيده لا بيد المنام.

- أوثقي حبالك بالله، وأكثري من المحافظة على الأذكار، والرقية الشرعية، والدعاء، وقولي في كل خوف: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلًا.

- خذي وردًا من القرآن يوميًا، خاصة سورة البقرة، وستجيدين تغييرًا -بإذن الله-.

اللهم اشرح صدر هذه الفتاة الطيبة، وارزقها زوجًا تقيًا نقيًا يُسعد قلبها ويُطمئن نفسها، اللهم اجعل رؤاها بشرى، وواقعها أجمل من رؤاها، اللهم واجعلها من المستبشرات، واجعل لها من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، وارزقها سكينة من عندك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً