الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خائف أن أفقد حسناتي بسبب المظالم التي لدي تجاه الناس!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد أن أستشيركم، فأنا لدي مظالم تجاه بعض الناس، معنوية ومادية، لكن أغلبها معنوية، مثل: الشتم، والضرب، والظلم، وأنا خائف من أن أفقد جميع حسناتي يوم القيامة بسبب ذلك، وقد أصابني اليأس، ولم أعد أصلي، أو أفعل أي شيء، وأشعر بصدمة وخوف شديدين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بعد أن قرأت رسالتك ومشاعرك، أحببت أن أشاركك مشكلتك، بإيجاد الحل المناسب لها، بعد وضع الدواء على الداء، والحل على النحو الآتي:

أولًا: أنت لا زلت في ريعان شبابك، فلا تتعود هذه الصفة، وهي أن تتحمل مظالم الناس، سواء كانت مظالم مادية أو معنوية، ففي حديث ابي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" [رواه مسلم].

ثانيًا: أعجبني قولك إنك خائف من أن تذهب حسناتك يوم القيامة، فأحسنت في خوفك على ذهاب حسناتك، فقد حذّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لتؤدَنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء -التي بدون قرون- من الشاة القرناء" [رواه مسلم].

وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طُرح في النار" [رواه مسلم].

فحري بنا جميعًا أن نخاف من ظلمنا للآخرين، ولكن لا يأس مع رحمة الله ما دمنا قد تبنا إلى ربنا، وما رسالتك وكلامك إلا دليل ندمك وعزمك -إن شاء الله- على ترك هذه الأمور المتعلقة بحقوق الآخرين ماديًا أو معنويًا، والتوبة تجب ما قبلها.

ثالثًا: أما قولك: أصابني يأس، فلا تيأس، فما دمت قد تبتِ إلى الله تعالى، وندمت على ما فات، فأحسِن الظن بالله، وقد وفقك للتوبة النصوح، فالإنسان إذا تاب وأناب إلى الله تعالى تاب الله عليه، لكن أهم شيء في التوبة أن تكون توبة حقيقية، والتوبة النصوح هي التي اجتمعت فيها شروط التوبة التي ذكرها العلماء، وهي:
1- أن يقلع عن المعصية.
2- أن يندم على فعلها.
3- أن يعزم ألا يعود إليها.

فإن فقد أحد هذه الشروط الثلاثة لم تصح توبته، فلا بد من اجتماعها كلها، والأمر سهل -إن شاء الله تعالى- ما دامت النية قائمة على التوبة.

هذه الشروط تكفي إذا كانت الذنوب بين العبد وبين ربه عز وجل، لكن إذا كانت الذنوب تتعلق بحق آدمي فلها أربعة شروط: هذه الثلاثة المذكورة، بالإضافة إلى أن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالًا أو نحو ذلك رده إليه، وإن كانت شتمًا أو ضربًا استحله منها أو طلب عفوه.

وبالتالي حاول أن تستسمح ممن ظلمته، وتطلب منه العفو، مع الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى.

وفي الختام: أسأل ان يبارك في توبتك، ويصلح أمورك، وأن يجعلك شابًا صالحًا موفقًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً