الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لخطبتي شاب خجول وأنا أرغب برجل قوي الشخصية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا مهندسة وأستاذة جامعية، عمري 32 سنة، لم يسبق لي الزواج، ولم تكن لي أي علاقة مع أي رجل، إلا في إطار تعارف جاد بهدف الزواج، عن طريق الخطبة أو معارف العائلة.

مؤخراً، تواصل معي شاب مهندس، عمره أيضًا 32 سنة، عن طريق والدته التي كانت دائمًا تبحث لابنها عن زوجة، وكانت تتحدث باستمرار مع إحدى قريباتي، فقامت قريبتي باقتراح اسمي، تواصل معي، والتقينا مرة واحدة، أعجبته، لكنني لم أشعر بالقبول تجاهه من الناحية الشكلية؛ لأنه أقصر مني، رغم أن طولي فقط 158 سم، كما لاحظت عليه خجلاً كبيراً، ليست له حياة اجتماعية، ويبدو عليه الحزن، لم يسبق له أن طلب يد فتاة من قبل، وأشعر أن والدته هي من تدير كل شيء، هذا الأمر جعلني أشك كثيراً، وأحس أن شخصيته ضعيفة.

وضعه الاجتماعي جيد، يصلي، لا يدخن، ولا يشرب، ومن حيث المبدأ يبدو مناسباً، لكن داخلياً لا أشعر بالاقتناع!

أنا أبحث عن رجل قوي الشخصية، أنا ملتزمة دينياً، لكن ذلك لا يعني الانعزال عن الناس، أقبل بالتعارف بين العائلتين وأخذ الوقت للتفاهم، لكن المشكلة أنه لا يبادر بأي نقاش أو تواصل، وهذا ما يجعلني مترددة كثيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتَنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدِّر لكِ الخير، وأن يُصلح الأحوال.

نحب أن نؤكد أن الزواج الناجح يقوم على الرضا، والقبول، والارتياح، والانشراح بعد الدّين، والحمد لله هذا الشرط متوفر في الشاب المتقدّم لكِ، وأنتِ أعلم بحالك وبمجتمعك وبالفرص المتاحة.

ولا نحب أن تتعود الفتاة على تكرار ردّ الخطّاب الذين يطرقون بابها، ونحب أن نبيِّن أن الفتاة لن تجد شابًّا بلا نقائص، كما أن الشابّ لن يفوز بامرأة بلا عيوب؛ فنحن جميعًا -رجالاً ونساءً- بشر، والنقص يُطاردنا، وطوبى لمن تغمر سيئاته بحور حسناته.

والصفات التي ذكرتها في هذا الشاب، مثل كونه قصير القامة، أو محدود العلاقات الاجتماعية، نرجو منكِ أن تضعي بجوارها مباشرةً ما فيه من الإيجابيات، مع استحضار أن هذه طبيعة البشر، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر"، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، ونسأل الله أن يُعينك على حسن الاختيار.

وسعدنا بكونكِ حريصة على أخذ فرصة للتأني ومزيد من التعارف، وهذه خطوة طيبة، وكون الشاب لا يُجيد الحديث مع النساء ولا يتكلم كثيرًا، فقد يكون في ذلك ميزة حقيقية؛ إذ لا نبحث عن الشاب الذي يتوسع في الحديث مع النساء، بل نبحث عن الشاب الذي يلتزم بالحدود الشرعية، وقد أشرتِ إلى أنه صاحب دين، وهذا هو المعيار الذي ينبغي أن تبحث عنه كل فتاة.

وعلى كل حال نحن نُقدّر هذه المخاوف التي تطرحينها، ولكن نعتقد أن الانطباع الذي بُني على الدّين، وبُني على الأخلاق، وبني على هذه الأساسيات الصحيحة، هو الذي ينبغي أن يُبنى عليه القرار، وتستمري عليه، ونسأل الله أن يُعينكِ على حُسن الاختيار، وأن يُؤلّف بين القلوب، وأن يجمع بينكم في الخير وعلى الخير.

عمومًا: أنتِ في مقام بناتنا وأخواتنا، ونحن لا نريد لبناتنا ولا لأخواتنا أن يستعجلن في رفض صاحب الدِّين إذا طرق الباب؛ فإن صاحب الدِّين الذي يأتي البيوت من أبوابها أصبح من النادر في زماننا، فلا تضيّعي هذه الفرصة، ونسأل الله أن يجمع بينكم في خير، وعلى خير، وأن يُقدّر لكِ الخير ثم يُرضيكِ به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً