الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تشكلت لدي وساوس أن أحاسب على حديث النفس..فانصحوني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يشغل تفكيري موضوع حديث النفس، فهل أي أمر أفكر فيه في داخلي سواء كان في أمور دينية أو أمور رياضية، أو التفكير فيهما معًا يعتبر من حديث النفس؟ لأني أظن بأنه تشكلت لديّ وساوس خوف من أن أحاسب على حديث النفس، فلقد أصبت بضيق في الصدر طوال اليوم تقريبًا، وكثيرًا ما أبحث في موضوع حديث النفس الذي أصبح وسواسًا.

هل بإمكانكم مساعدتي؟ وهل كل ما أشك فيه هو سواس أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير.

فما تشعر به أمر شائع جدًا بين من يعانون من الوسواس القهري خاصة في الأمور الدينية، ويزيد من هذا الشعور جهل البعض بالتفرقة بين حديث النفس الذي هو من قبيل الوسوسة وبين اعتقاده هو، فيظن أنه الناطق، وأنه المريد، وأنه القائل، وكل هذا كذب وتدليس من الشيطان حتى يوقع صاحبه في داء الوسواس؛ لذا نرجو منك أن تنتبه إلى ما سنخبرك به الآن:

1- هل كل ما يدور في الرأس هو "حديث نفس"؟

نعم، ما يدور داخل النفس دون أن يُقال أو يُفعل هو "حديث نفس"، ولا يؤاخذ العبد عليه، وقد قال النبي ﷺ: «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم»، وهذا يعني أنه لا إثم عليك في كل ما دار في نفسك، مهما كان، ما دمت لم تؤمن به وتعتقده.

2- هل التفكير في شيء ديني ومعه شيء دنيوي (مثل الرياضة) يعتبر سوء أدب مع الدين؟

لا يعد سوء أدب، فالعقل البشري بطبيعته ينتقل بين أفكار مختلفة، وهذا لا يعني أنك لا تحترم الدين أبدًا؛ فأنت بشر، ولست مكلفًا بأن تتحكم في كل فكرة تمر في بالك.

3- هل كل ما تشك فيه وسواس؟

ليس كل شيء وسواس، لكن: إذا كنت تخاف من الإثم بدون سبب واضح، وتفكر في الفكرة نفسها بشكل مزعج ومتكرر، وتحاول تبحث عنها أو تطمئن نفسك طوال اليوم؛ فهذا هو الوسواس.

4- كيف تتعامل مع الوسواس؟

- اليقين بأن الوسواس ليس منك، ولن تحاسب عليه ما دام القلب غير راضٍ، بل دليل على الإيمان كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما جاءه بعض الصحابة يشتكون من وساوس شديدة في العقيدة، فقالوا له: "إنا نجد في صدورنا ما يتعاظم أحدُنا أن يتكلم به"، فقال ﷺ: "وقد وجدتموه؟"، قالوا: نعم، قال: "ذاك صريح الإيمان".

- الالتزام بأذكار الصباح والمساء.

- تحصين القلب والنفس من الوساوس وتسلّط الشيطان.

- فهم طبيعة الوسواس القهري: فهو اضطراب نفسي لا علاقة له بك أو بالكفر أو النفاق، وهو يتمدد في بيئة الجهل به والفراغ؛ فإذا أردت مواجهته فعليك الابتعاد عن الفراغ، وذلك بشغل كل أوقاتك؛ إما بالعلم أو الدراسة أو الرياضة، المهم أن تكون مشغول الفكر، فالفراغ يغذي الوسواس، ويُضخّم الأفكار السلبية.

- مصاحبة الشباب الصالحين والإيجابيين: فالصحبة الصالحة تعين على الثبات والسكينة وتخفيف الضيق.

- الانخراط في عمل علمي أو مجتمعي نافع مثل: دورات شرعية، تطوع خيري، تعلم مهارة؛ يشغل العقل ويجدد المعنويات.

- ممارسة الرياضة أو الحركة يوميًا تساعد على تفريغ القلق وتصفية الذهن.

- قراءة الأدعية النبوية بثقة ويقين "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، "اللهم آت نفسي تقواها"، وغيرها.

5. الضيقة التي في صدرك؟

سببها محاولة السيطرة على الوساوس والخوف من الخطأ، وهذا طبيعي في الوسواس القهري، لكن التجاهل والمقاومة بالهدوء واليقين هو الحل.

وأخيرًا: الوسواس ليس دليلاً على ضعف الإيمان، بل هو علامة على حرصك على الدين لكن بشكل زائد، وعليه فأنت تحتاج إلى تهدئة نفسك، والتزام بما ذكرناه آنفًا، وسيزول عنك هذا قريبًا -بإذن الله تعالى-.

نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً