الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شخصيتي قلقة وأشعر بإجهاد يهاجمني أثناء العمل أو الدراسة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أبلغ من العمر ٢٩ عامًا، والحمد لله لا أعاني من أي أمراض مزمنة.

قبل خمسة أشهر، كان لدي عرض تقديمي في الجامعة، فسَهِرت لإعداده، وبعد العودة إلى المنزل حاولت النوم، لكنني لم أستطع إلا بعد منتصف الليل، ونمت حوالي خمس ساعات فقط، استيقظت وأنا أشعر بإجهاد عام، وزيادة في ضربات القلب، وضيق في التنفس مع أي مجهود، كما شعرت بأن رأسي وجسمي يهتزان بشكل بسيط مع ضربات القلب.

منذ ذلك اليوم، بدأت أعاني من الأرق بشكل كبير، رغم شعوري بالإجهاد الشديد، إلا أنني لا أستطيع النوم أو أنام لساعات قليلة فقط، هذا الأرق سبب لي خوفًا شديدًا؛ لأنه استمر لفترة طويلة، لازمني لأكثر من شهر، وخلال هذه الفترة، كانت لدي اختبارات جامعية؛ مما زاد من الضغط النفسي والأرق.

بعد انتهاء فترة الاختبارات، زرت ثلاثة أطباء قلب، وأجريت تخطيطًا للقلب، وتصويرًا بالإيكو، وجهاز هولتر، وكانت جميع النتائج سليمة، بما في ذلك فحوصات الدم والغدة.

بعد الاختبارات، خفّت الأعراض كثيرًا، لكنني لا زلت أشعر بزيادة في ضربات القلب، وإجهاد، وضيق في التنفس، وفزع مفاجئ من الأصوات دون مقدمات، علمًا بأنني بطبيعتي شخصية قلقة، لكنني لم أشعر بهذه الأعراض من قبل.

أحتاج إلى توجيهكم جزاكم الله خيرًا؛ لأن هذا الموضوع بدأ يؤثر على حياتي بشكل كبير، ولم أعد قادرًا على العمل بسبب الإجهاد الذي يهاجمني أثناء العمل أو الدراسة؛ مما أدى إلى تدهور حالتي النفسية.

هل من الطبيعي أن يستمر تأثير القلق كل هذه الفترة؟ وهل توجد علاجات أو مكملات تساعد على تقليل التوتر دون أن تؤثر على الحالة الذهنية؟

بارك الله فيكم، وحفظكم الله من كل مكروه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Faisal حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا جزيلًا على استشارتك التي اطّلعتُ على تفاصيلها بكل دقة، والتي أسهبتَ فيها عمّا تعانيه من بعض الأعراض الخاصة بالقلق، والتي في مجملها يبدو أنها تأتي في شكل زيادة في ضربات القلب، وإجهاد، وعدم نوم.

وذكرتَ في رسالتك أنك - والحمد لله - قد اطمأننت على حالتك الجسمانية بعد زيارتك للأطباء، ونحمد الله على سلامة القلب والغدد وكل ما تم فحصه.

ومن الواضح أيضًا من رسالتك أنك شخصية قلِقة بطبيعة الحال، فيبدو أن هذه الأعراض مرتبطة بشخصيتك القلقة، وهي أعراض قلق، والقلق عادةً، رغم أنه في الأساس نفسي أو فكري، إلّا أن معظم أعراضه مرتبطة بما نسمّيه أعراضًا جسدية، مثل: زيادة ضربات القلب، والضيق في التنفّس، والإحساس بالفتور، والعرق، وغيرها من الأعراض المرتبطة بتذبذب نشاط الأدرينالين في الجسم تظهر مع القلق.

وما ذكرتَه من أعراضٍ يبدو من خلال حديثك - والتي استمرت كل هذه الفترة- أنها هي من أعراض القلق العام، ويبدو أنها زادت في فترة الاختبارات، وهذا أيضًا شيء طبيعي؛ لأن فترة الاختبارات في الجامعة عادةً ما تكون فترة ضغط نفسي زائد، وهي تؤدي إلى حدوث أعراض القلق.

ونحن نحتاج في ظروفنا العادية إلى شيءٍ بسيطٍ من القلق ليساعد على تحسين الأداء، ولكن إذا زاد القلق عن الحد الذي يُحسّن الأداء؛ فإن النتائج تأتي بشكل عكسي، ويقل معها الأداء إذا زادت نسبة القلق إلى درجة معينة، وطبعًا هذا يختلف من شخصٍ لآخر بحسب قدرته على التأقلم أو التعامل مع الأشياء المختلفة وضغوط الحياة المختلفة التي تزيد من نسبة القلق.

فإذا كانت شخصيتك بطبيعتها شخصية قلِقة، فإنه عادةً عندما تزداد ضغوطات الحياة المختلفة؛ فإن هذا سيؤدي إلى ظهور مثل هذه الأعراض.

عمومًا الإحساس بالإجهاد أو قلّة النوم، أو ما ذكرته من خوفٍ وفزعٍ من الأصوات وخلافه، كل هذه مرتبطة بحالة القلق التي تمر بها.

أمَّا عن سؤالك: هل هناك علاجات أو مكمّلات تقلل من التوتر؟ نعم، هنالك كثير من العلاجات، ودعنا في البداية نبدأ بأنك إذا أدركت أن هذا الأمر هو في الأساس بسبب ضغوط طبيعية، وأن هذه الحالة يمكن أن تزيد أو تقل إذا تحكّمنا في ضغوطات الحياة المختلفة، أو زادت قدرتنا على التكيّف والتأقلم معها؛ فإن هذه يمكن أن تكون الخطوة الأولى في العلاج.

ثانيًا: لا بد من ممارسة أشياء يمكن أن تساعد الإنسان بشكل عام على التخلّص من القلق، وأولها: ممارسة قدرٍ من الاسترخاء، وهنالك كثير من التمارين التي يمكن أن يمارسها الإنسان تساعد على الاسترخاء؛ وبذلك تقل هذه الأعراض، وبالتالي تقل نسبة التوتر في الجسم والقلق.

كذلك من الأشياء الأخرى التي يجب مراعاتها: التحكم في مسببات القلق بطرق مختلفة، منها تقسيم الوقت، وتقسيم الجهد، ومحاولة تنظيم النوم، وترتيب اليوم العملي واليوم الدراسي حتى يتم الاستفادة من الفترة المسائية في النوم بشكل طبيعي.

وممارسة الرياضة من الأشياء المهمّة التي تساعد كثيرًا على التخلّص من القلق، والتخلّص من الضغوطات المختلفة، وتساعد أيضًا على النوم، وبالتالي تساعد على التحكم في القلق.

عمومًا، كل هذه الأشياء يمكن ممارستها، ويمكن أيضًا زيارة الطبيب النفسي، ولا ضرر في ذلك، طالما أنك زرتَ طبيب القلب، فيمكن زيارة الطبيب النفسي أيضًا، وعمل جلسة لمناقشة الخطة العلاجية التي يمكن أن تتضمن علاجات نفسية أو أدوية، كل ذلك ممكن، ولا تخف منه، وإن شاء الله ربنا يجعل فيه الشفاء الكامل، وينفعك بهذه الاستشارة.

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً