الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يصلي مع تذكيري الدائم له!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجي لا يصلي مع تذكيري الدائم له، ولا أجد بركة في المال ولا في شيء، ولا أستطيع ترك البيت؛ إذ لا يوجد لي مكان آخر، مع العلم أنه لا يهمه إن هجرته أو لم أهتم به، فلا يؤثر فيه أبدًا.

ماذا أفعل معه؟ أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ همسة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في إسلام ويب، وردًا على استشارتك أقول وبالله تعالى أستعين: أسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر على غيرتك على الدين واهتمامك بشأن زوجك، كما أسأل الله تعالى أن يصلح حاله، وأن يكتب له الهداية على يديك، ويقرَّ عينيك بصلاحه، إنه جواد كريم.

لا شك أن ترك الصلاة مصيبة عظيمة وخطر أكبر، والترك الكلي أشد خطرًا من الترك الجزئي، وتركها من أعظم الذنوب، يقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر»، ويقول: «بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة».

استمري بنصحه ما بين الحين والآخر، وخاصة حين تجدين نفسيته طيبة يمكن أن يتقبل منك، واستغلي الحوادث التي تؤثر في قلبه كالموت وحوادث السيارات؛ فإن القلب يلين نوعًا ما في مثل تلك الأحداث، ابعثي إليه بعض المقاطع الدينية القصيرة المؤثرة، فلربما تأثر ببعضها، واستعيني -بعد الله- ببعض من يستمع لنصحهم كوالدته أو بعض زملائه عن طريق نسائهم، فاختلاف الأسلوب أحيانًا له أثر.

طالما والهجر لا يجدي ولا يؤثر، فلا داعي لذلك؛ لأن الهجر يزيده عنادًا، وربما تسبب في ارتكابه لمعاصٍ أخرى -والعياذ بالله-، لا تتركي بيتك ولا تتسببي في هدمه، وعليك بالصبر عليه ونصحه برفق ولين، وأنكري بقلبك هذه المعصية ما دام لا يعتدي عليك ولا يمنعك من إقامة دينك.

انعدام البركة سببه المعاصي، ففي الحديث الصحيح: «وإن العبد ليُحرَم الرزقَ بالذنب يصيبه»، أنت في ابتلاء ومحنة، وهذا أمر مقدر عليك، ولعلكم استعجلتم في موضوع الزواج ولم تتأكدوا من توفر الصفات المطلوبة في زوجك، وهي الدين والخلق؛ ولهذا لا بد من الصبر والتأني؛ فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، والهداية بيد الله: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾.

نوصيك بأداء الصلوات الخمس في أوقاتها، مع الإكثار من نوافل الصلاة والصوم، وتلاوة القرآن وسائر الطاعات؛ فذلك من أعظم أسباب جلب الحياة الطيبة المطمئنة، كما قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى، وتحيني أوقات الإجابة وخاصة أثناء السجود، وسلي الله تعالى أن يصلح زوجك ويرزقه الاستقامة على دين الله، وأحسني الظن بالله تعالى، وكوني على يقين أن الله لن يخيب ظنك، ففي الحديث القدسي الصحيح: «إن الله -جل وعلا- يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيرًا فله، وإن ظن شرًّا فله».

هنالك أمور تجعل زوجك لا يتأثر بالنصح، لا بد أن تفهميها؛ فقد يكون زوجك:

• لا يحب أسلوب الضغط، فتجدينه يقاومه بالعناد ويصر على البقاء كما هو.

• يمر بفتور في الجانب الإيماني، وهذا أدى به إلى عدم الاستجابة.

• يشعر بعدم جدوى النقاش، فيلجأ لعدم المبالاة.

• اعتاد على كثرة النصح حتى فقد النصح تأثيره.

وعليه؛ فعليك أن تغيري أسلوبك، وسأذكر لك خطة لعلها تكون نافعة:

1- توقفي عن التذكير اليومي المباشر؛ فكثرة التذكير تولد عنده ردة فعل داخلية، وبدلًا من ذلك ذكّريه -كما سبق- بين الفترة والفترة بلطف دون إلحاح ولا مقاطعة.

2- غيري الأسلوب: فمرة ادعي له أن يهديه الله لأداء الصلاة، ومرة ابعثي له رسالة لطيفة فيها ترغيب وترهيب، ومرة بإشارة غير مباشرة.

3- أعيدي تشكيل علاقتك معه من جديد، واقتربي منه أكثر، ولا تهملي نفسك، وتعاملي معه كما لو كان يصلي، وإن كنت في داخلك تكرهين هذه الصفة فيه؛ فلعل هذا الأسلوب يجعله يصغي للنصح ويشعر بالدفء والود فيتقبل.

4- كوني هادئة وأظهري اهتمامًا حقيقيًا به، فاجعلي بيتك مرتبًا وهيئي له أجواء الراحة، وغيّري مكان الأثاث حتى يشعر بالتجديد، وأحسني من استقباله وتوديعه، وتفنني في إعداد طعامه دون أن تشعريه أنك تفعلين ذلك من أجل أن يصلي؛ فعندما تتحسن مشاعره تجاهك سيعيد حساباته وسوف يتغير -بإذن الله تعالى-.

4- اجعلي أجواء البيت إيمانية، كأن تشغلي القرآن بأصوات مؤثرة كقراءة المنشاوي -رحمه الله- واجعليه بصوت خافت.

5- اجعلي بعض اللوحات التذكيرية في صالة البيت وعلى باب البيت من الداخل يراها حين خروجه، وغيريها بين الحين والحين؛ فذلك سوف يجعله يتذكر تلك اللوحات، ولعلها تؤثر به ولو بعد حين.

5- إن كان هناك أبناء فاجعليهم يطلبون من أبيهم أن يصلي بهم في البيت.

6- إن ظهر منه استجابة فأكثري من الدعاء والثناء عليه؛ فذلك سيشجعه على الاستمرار.

7- إن استطعتِ تغيير صداقاته بأناس صالحين، فالصاحب له تأثيره؛ فالصاحب ساحب كما يقال.

8- لو أمكن أن تتواصلي مع زوجة إمام المسجد أو أحد الدعاة في حارتكم من أجل أن يقوم بزيارة له على أنها زيارة جار لجاره، ويكرر ذلك، وبعد التعارف وإزالة الحواجز يمكن نصحه.

نوصيك ألا تحملي نفسك فوق طاقتها؛ فالهداية بيد الله تعالى، ولا تقلقي ولا تتوتري بسبب هذه القضية؛ فذلك قد ينعكس على صحتك، أنت غير مطالبة بتغيير قلبه بالقوة، ولكنك مطالبة بأن تبذلي الأسباب وتتركي النتيجة على الله.

نسأل الله تعالى أن يصلح زوجك، وأن يلين قلبه للامتثال لأمر الله تعالى، وأن يقر عينيك بصلاحه، ونسعد بتواصلك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات