الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الولد من إهمال والده له تربويا وحرصه على توفير حاجته المادية

السؤال

أنا شاب عمري (21) سنة، أبي كان يعمل لمدة تزيد على أكثر من (15) ساعة في اليوم، وكانت أمي هي التي تربينا أنا وأختي الوحيدة، أي: نشأت ولم أعرف أبي؛ لأني كنت أراه وقتاً قليلاً، ومنذ فترة سمعت خطبة فيما معناها: (كفى المرء إثماً أن يضيع من يعول).
الجزء الأول من السؤال: هل المقصود (يضيع) أي الدين؟

ثانياً: عندما كبرت أصبحت أقول: كنت أريد أبي ولست محتاجاً للمال، ولكن منذ فترة قصيرة قام أبي بشراء شقة لي، وكنت أقول لأبي كما ذكرت سالفاً: لا أريد المال وأريدك أنت، ورد علي وقال: (لو لم أعمل عدد الساعات الكثيرة هذه ما تمكنت أن أشتري لك الشقة كي تتزوج).

سؤالي: بعد أن اشترى لي أبي الشقة -وهي بمبلغ ضخم- كنت ظالماً له، والذي كان كأنه ضيف في المنزل، لا يعرف عني ولا عن أختي شيئاً، ومع العلم: لو لم يقم أبي بشراء الشقة ما كنت أفكر أساساً في الزواج!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Khaled حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بخصوص ما ورد في رسالتك فالذي يبدو لي أن والدك فهم أن أهم شيء يقوم به هو أن يوفر لكم ما تحتاجون إليه من نعم الحياة المادية، ولذلك ركز جهده كله لتحقيق هذه الغاية حتى استطاع أن يشتري لك هذه الشقة الغالية الثمن، ومع الأسف الشديد هذا ليس بحال والدك وحده، وإنما هناك الآن من أمثال والدك يفكرون بنفس طريقته، ونسوا أو تناسوا أن المسائل المادية رغم أهميتها ليست هي الأولوية الأولى في التربية، وإنما يسبقها التربية الدينية والأخلاقية والاجتماعية، والتي هي أعظم وأهم من المادية بمئات المرات، وبعضهم يعتمد على أنه اختار زوجة صالحة، ومن أسرة محترمة، وأنها تستطيع وحدها أن تقوم بمسئولية التربية وأمرها، وهذا مع الأسف الشديد لن يغني عنهم يوم القيامة من الله شيئاً خاصة إذا انحرف الأولاد وابتعدوا عن شرع الله ولم يوفقوا في حياتهم.

وأما الحديث الذي ذكرته فهو صحيح، وينطبق على حال والدك وأمثاله، الذي لم يعط الأولوية للجانب الشرعي والأخلاقي، إلا أنه قد يعذر ويعفو الله عنه إذا أكرمك الله بالاستقامة على دينه، سواء أكان ذلك بمساعدة والدتك أو غيرها؛ لذا أنصحك بالرفق به، والاجتهاد في إكرامه، والإحسان إليه، والبر به، وأن تحرص على التمسك بدينك والتزام سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، مع كثرة الدعاء له بالعفو والمغفرة والثواب الجزيل من الله تعالى، فأنت بمقدورك - أخي خالد - أن تكون سبباً في جعل والديك من أهل الفردوس الأعلى بطاعتك لله، والاستقامة على شرعه، والإكثار من الصالحات التي تصب في موازينهما، والإكثار من الدعاء لهما.

فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا (أن رجلاً من أهل الجنة قيل له: ارق - أي: اصعد إلى الدرجة التي تلي درجتك - فقال: من أين لي يا رب وقد ذهبت الدنيا؟! فقال: استغفار ولدك لك)، فاجتهد ولا تضيع أي فرصة للطاعة، واعلم أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وإن من شكرك للوالدين ما أوصيتك به، فأنت قادر بإذن الله على جعلهما من سعداء الدنيا والآخرة.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً