الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما حكم زيارة المرأة للقبور واتخاذ ذلك عادة؟

السؤال

السلام عليكم

إحدى قريباتي تزور قبر والدتها كل يوم جمعة باستمرار، وعند عدم زيارتها ولو مرة واحدة تكون سيئة المزاج، ولا تقبل النصيحة بأن الدعاء لها والصدقة عنها أفضل من تلك الزيارة، حيث أنها تتكلف المال لذلك من مصاريف سيارة وهدايا وكذلك مال للمسؤول عن المقابر، فكيف أقنعها بالعدول عن ذلك؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الميت يحتاج لدعاء أهله وصدقتهم له واستغفارهم وينتفع بذلك إذا صدقنا وأخلصنا وتمسكنا بهدى من يجيب من دعاه ويرحم من قصده وتولاه، وهل يغني شيء عن الإنسان إذا لم يكن موحداً لربه ومولاه، ومرحباً بك في موقعك، وشكراً لك على نصحك لقريبتك، ونسأل الله أن يرحم أموات المسلمين، وأن يرزقنا السير على خطى إمام المرسلين.

ولا يخفى على أمثالك أن زيادة المقابر هدفها الذكرى والاتعاظ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة، ألا فزوروها ولا تقولوا هجراً)، ولا تكون الزيارة مقبولة إذا كان هدفها المظاهر، حيث فرغت هذه الموعظة من مضامينها، فأصبحت تجد أن الميت داخل القبر وفي الخارج الجوالات والتبرج والاختلاط والمظاهر الخادعات والوقوع في الشركيات، وظهور الجزع والاعتراض على قضاء رب الأرض والسموات.

ولما كانت المرأة ضعيفه وفي تكرار زيارتها للمقابر تضييع لحقوق الزوج وتجاوز لحدود الشرع، ويترتب على زيارتها وقوع التبرج والاختلاط، وخاصة أنها تربط الزيارة بيوم معين، فلأجل كل ما سبق فإنني أميل إلى قول من يمنع زيارة النساء للمقابر، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم زوارات القبور والمتخذين عليها السُّرج، ونحمد الله الذي أكرمنا بهذه الشريعة التي تعطي الإنسان على حسب نيته وصدقه، كما أن الدعاء يصل للميت من أي مكان وبأي لغة، فسبحان من وسع سمعه الأصوات، وسبحان من خلق الناس مختلفين في الألسن والألوان.

وأرجو أن أوصي نفسي وإخواني بضرورة أن نفعل الخير لأنفسنا في حياتنا ونقدم من أموالنا ونمد يد المعاونة لإخواننا؛ لأن الأصل هو أن يعمل الإنسان لنفسه ويقدم من الصالحات ما يكون سبباً – بعد فضل الله – لنجاته.

وقد صدقت في نصحك، ولو أنها أنفقت ما تدفعه للأجرة والهدايا على طلاب علم أو فقراء محتاجين صالحين لكان ذلك أفضل لها ولميتها، وأصون لعرضها وأقرب للإخلاص.

ونحن في الختام نوصيك بتقوى الله وندعوك لمواصلة النصح ولكن بلطف، وحبذا لو بدأت نصحك بالدعاء للميت ثم محاورتها في هدوء عن خطورة ما يحصل في تلك الزيارات من مخالفات، وليتنا تذكرنا أن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً، وهل تشعر بالضيق إذا فاتتها صلاة أو قصرت في طاعة وعبادة، ولست أدري ما هو سبب الضيق، وهل ترى الميت عند زيارته؟ ولماذا الضعف إذا كان الدعاء يصل والصدقة تصل والاستغفار يصل بالإضافة إلا صلة الرحم التي كان سببها ذلك الميت، وإكرام أصدقائه، والعبرة في الأعمال بمقاصدها وشرط القبول إخلاص لله وإتباع لرسول الله.

نسأل الله أن يفقهنا في ديننا وأن يرحم موتنا وموتى المسلمين.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً