السؤال
أنا الآن في ورطة من جهة طلب العلم، فأنا أريد أن أذاكر ولكني مشغول بالبنات، وأبي مغترب، وأريد أن أكون متفوقاً، ولكن كيف؟!
أنا الآن في ورطة من جهة طلب العلم، فأنا أريد أن أذاكر ولكني مشغول بالبنات، وأبي مغترب، وأريد أن أكون متفوقاً، ولكن كيف؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ لطفي مجدي لطفي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلم يتضح لنا من السؤال ما المقصود من البنات؟ هل هن أخواتك أم صديقاتك؟
وسنحاول أن نجيبك على كلا القصدين، ونحن نظن بك خيراً، أنك ممن يقوم على رعاية البنات والأخوات ولست ممن يضيع البنات ويطارد النساء الأجنبيات، ولتعلم أخي أنك رجل البيت بعد أبيك، واعتماده بعد الله عليك، فهذه مسئولية قد ألقيت على كاهلك، فلتكن جديراً في أخذها على محمل الجد، كما أنك ينبغي أن ترتب وقتك بعد تحديدك ومعرفتك لمسئولياتك، فترتيب الواجبات، واغتنام الأوقات هو شعار الناجحين في حياتهم، وعنوان المفلحين في مسئولياتهم، وفي مثل حالك لا نرى تعارضا بين رعاية أخواتك وبين القيام بواجبات دراستك، وطلبك للعلم، وهل يقصد بالعلم إلا العمل والقيام بالمسئوليات، وأداء الواجبات المتعينات، فضلا عن المندوبات والمستحبات؟!
وأما إن كانت الأخرى، ونرجو ألا يكون ذلك، وهذا فهم بعيد عندنا، ولكن لا مانع من إيراده للفائدة، ولأنه وسيلة للحفاظ على العلم وتحصيله، وهو غض البصر عن إطلاقه إلى مواقع التهم والشبهات، فلتعلم أن البصر مرتبط بالبصيرة ومؤثر فيها، وكيف يفقه العلم قلب قد حجب بصيرته سواد الصور، أم كيف يحفظ كلام الله وقد زاحمه كلام غيره، فإن المعاصي تنسأ العلم وتحرم صاحبها التوفيق والنجاح، وقد قال ابن مسعود: (كنا نحدث أن الخطيئة تنسي العلم )، ونسب للشافعي رحمة الله عليه:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشـــدني إلى تــــرك المعاصـــي
وقــال اعلــــــــم بـأن الـعـلـم نـــور ونــور اللـه لا يهـدى لعـاصـي
كما أن إطلاق البصر تحديداً من أخطر الأشياء على طالب العلم، فإن النظر سهم مسموم، والسهم المسموم يتلف البدن كله، كما أن إطلاق البصر يفسد القلب ويجلب الحسرات والهموم، ومتابعة البنات تجر إلى الويلات، وسوف يضيع مستقبلك ويهدد ما عندك من أخوات، فإن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان، وقد أحسن من قال:
فإنك متى أرسلــــــت طرفــــك رائــــداً لقلبك أتعبتــــــك المنـاظــــر
رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابـر
فاتق الله في نفسك وواظب على صلاتك، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وعطر لسانك بذكر الله، وابتعد عن أماكن وجود النساء، وأشغل نفسك بالخير قبل أن تشغلك بالشر، وكن على قدر ثقة والدك فيك، فإنه يتعب ويجتهد من أجل أن يراك ناجحاً مطيعاً لله، فلا مجال للتهاون في مسألة الأعراض.
ونحن ننصحك بقطع كل علاقة آثمة، وأرجو أن تبحث عن أصدقاء أخيار، وأدرك نفسك فإن هذا الطريق مظلم وهو طريق الإيدز والأمراض الفاتكة، وأخطر من ذلك ما يجلب غضب العظيم سبحانه الذي لم يحرم الزنا فقط، وإنما حرم كل وسيلة توصل إليه فقال سبحانه: ((وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى))[الإسراء:32]، وليس في الجرائم أكبر من الزنا بعد الشرك والقتل، فإذا وصلتك رسالتي هذه فعجل بالتوبة النصوح، واعلم أن الله سبحانه يمهل ولا يهمل.
ونسأل الله أن يحفظك وسدد خطاك.
وبالله التوفيق.