السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد ذكرت إحدى قريباتي أنه في حال عدم قيامي لأداء صلاة الفجر فذلك يدل على أني قد عملت ذنباً ولذلك لم أستطع النهوض لأداء الصلاة، فما مدى صحة هذا الموضوع؟
وشكراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد ذكرت إحدى قريباتي أنه في حال عدم قيامي لأداء صلاة الفجر فذلك يدل على أني قد عملت ذنباً ولذلك لم أستطع النهوض لأداء الصلاة، فما مدى صحة هذا الموضوع؟
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جيهان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن للذنوب أضراراً وأخطاراً؛ حتى قال ابن القيم: (إن الحبارى لتموت في وكرها بمعصية ابن آدم لله)، والذنوب سببٌ لهلاك الأمم والشعوب؛ قال تعالى: ((فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ))[العنكبوت:40]، وقال سبحانه: ((فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ))[النساء:160]، وقال سبحانه: ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ))[الشورى:30]، وقال قائل من السلف: (والله إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وفي خلق امرأتي وفأرة بيتي)، وقال ابن سيرين: (عيَّرت رجلاً بالفلس فابتلاني الله بالإفلاس بعد أربعين سنة)، وكان قد سُجن - رحمه الله - بسبب الديون، وقال أحدهم: أذنبت ذنباً، فقال لي شيخي: لتجدن غِبَّها ولو بعد حين، قال: فنسيت القرآن، وشكى بضعهم عجزه عن القيام لصلاة الفجر فقال له الحسن البصري: (قيَّدتك الذنوب)، فلا تستهينوا بأمر الذنب فإنه بئس العلم، ولذلك أنشد الشافعي:
شكوتُ إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقــال اعــلم بـــــــــــــــــأن العلــــــــم نـــــور ونــور الله لا يهــدى لعــاصــي
ولما لاحظ الإمام مالك علامات النبوغ والذكاء على الشافعي قال له: (إني أرى على قلبك نوراً فلا تُطفئه بظلمة المعصية).
وكان السلف يفهمون هذه المسألة؛ فقد دخل أحدهم بيته فوجد أن الفار قد أكل نعله فقرأ قوله تعالى: ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ))[الشورى:30]، وقيل لسليمان الداراني رحمه الله: (ما بال السلف كانوا لا يغضبون إذا آذاهم الناس؟ فقال: لأنهم كانوا يشغلون أنفسهم بالاستغفار من الذنب الذي أصابوه فسلَّط الله عليهم من يؤذيهم)، وهاهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم يقولون وقد حصل الانكسار في أحد: ((أَنَّى هَذَا))[آل عمران:165]، فجاءهم الرد الحاسم: ((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ))[آل عمران:165].
وإذا حرص الإنسان على الطاعات ونام على وضوءٍ وذكر وعقد نيته القيام لصلاة الفجر وأكل من الحلال أُعين على الصلاة وعلى طاعة من لا يغفل ولا ينام، ولكن قد يرد هنا سؤالٌ مفاده ما يلي: ما بالنا نرى بعض الطيبين يُصاب بالأزمات؟ والإجابة على ذلك هو أن الله أراد أن يطهرهم، أو أراد سبحانه أن يرفعهم إلى درجاتٍ ما كانوا لينالوها إلا بالصبر.
والذي يهمنا في هذا المقام هو ضرورة أن تكون للمسلم شفافيةٌ وروحٌ يستطيع بها أن يُراجع نفسه ويستغفر عند كل الصعوبات والأزمات والصِّعاب، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية إذا صعبت عليه مسألةٌ استغفر واستغفر حتى يفتح الله عليه، وربما استغفر أحياناً ألف مرة، وكان يقول: (أفضل الدعاء استغفار الله)، وذلك من فقهه؛ لأن الناس يُمنعون الغيث والخير بعصيانهم لله، ولذلك قال العباس -عَمُّ النبي صلى الله عليه وسلم- لما قدَّمه الصحابة ليستسقي لهم: (إنه ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة)، وقدَّم الصحابة عمر ليستسقي لهم فصعد المنبر واستغفر ثم نزل، فكلموه في ذلك، فقال: لقد دعوت الله لكم، ألم تسمعوا قول الله تعالى: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا))[نوح:10-11]، ونسأل الله أن يتوب علينا وعليكم.
ولمزيدٍ من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات التالية: (1062، 251115).
وبالله التوفيق.