السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي صديقة تبلغ من العمر 17 عاماً تقريباً، وهي بفضل الله ورحمته نشأت في بيت ملتزم يحرص على إرضاء الله في كل صغيرة وكبيرة، ويحرص كذلك على تربية أولادهم تربية صالحة بحيث يزرعون معاني العقيدة السليمة في قلوبهم، وتقوى الله في السر والعلن ... وأسأل الله أن يبارك لهم في والديهم، ويجزيهم خير الجزاء، ويحفظهم ويسلمنا جميعاً من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم آمين.
وبينما كنت أتناقش مع صديقتي بخصوص رحلتها العلمية، أخبرتني أنها ترغب بدراسة شيء إضافي مع ما تدرسه حالياً؛ إذ أنها طالبة في نفس الجامعة الإسلامية التي أدرس بها.
والهدف من هذه الدراسة هي الحصول على شهادة تضمن لها مستقبلها وتجعلها تعتمد على نفسها من غير اللجوء إلى أحد لا سيما إن توفي والدها لا قدر الله، أو أن زوجها في المستقبل احتاج إلى مساعدة كون أن الحياة تزداد صعوبة يوماً بعد يوم!
وهذه الدراسة تتطلب الذهاب إلى جامعة مختلطة، وبما أننا نعيش في أمريكا فهي مكان مليء بالفتن والفواحش، بالإضافة إلى الشبهات التي ممكن أن يواجهها المدرسون والمدرسات أو حتى بعض الطلاب خاصة للشخص المسلم.
ورأيي بخصوص الدراسة في الجامعات المختلطة عموماً، هي أن الإنسان يجب أن يتجنب ويبتعد عن مواطن الفتنة ما أمكنه، وإن لزمه أو اضطر إلى التواجد فيها؛ فعليه أن يمكّن نفسه بدراسة دينه جيداً بحيث يصبح على درجة عالية من الإيمان يستطيع به رد الشبهات التي ممكن أن يتعرض لها، وصدِّ نفسه وحمايتها من الفتن التي ممكن أن يقابلها في هذا المكان.
إضافة إلى ذلك، البحث عن الصحبة الصالحة، ومراجعة النفس باستمرار خشية الوقوع في شيء يغضب الله أو أن يصاب بمرض من أمراض القلوب من حيث لا يشعر.
وكنت قد اقترحت على صديقتي تأجيل دراستها لحين أن تنتهي من دراستها للشريعة، والهدف من ذلك هو لزيادة الإيمان في قلبها، والتعرف على الشبهات التي يحدثونها وكيفية الرد عليها، ولتصبح كذلك في عمرٍ تكون فيه أكثر نضجاً من العمر الذي هي عليه الآن، خاصة أن فترة المراهقة يعتريها الكثير من التغيرات الجسمانية والنفسية، بالإضافة إلى سرعة التأثر بمن حوله.
وكان تعقيبها على هذا الاقتراح بأنه لا يوجد بأس بالدراسة في مثل هذه الجامعات، وأنها قادرة على صد الشبهات، وستتحكم في كيفية تعاملها مع الآخرين.
وعليه؛ قررت بعث استشارة لعلها تكون سبباً مساعداً للوصول إلى الحل الأفضل ( الصواب )، فأرجو من فضيلتكم نصائح جامعة بحيث تكون موجهة لكل شاب وشابة يرغبان بالدراسة في الجامعات المختلطة، خاصة أن معظم الجامعات الآن فيها هذا البلاء، وإن بحثوا عن جامعات أخرى يجدونها إما تحتاج إلى أن تنال إلى الاعتراف الرسمي، أو لا يوجد فيها التخصص الذي يرغبون بدراسته لتحقيق مستقبل ناجح.
وأرجو كذلك، إبداء وجهة نظركم تجاه هذا الأمر، ومن ثم النظرة الشرعية له، وكيف يمكن للإنسان - خاصة النساء - أن يضمن مستقبلهن؟ وما هي الوسائل التي بها تستطيع المرأة مساعدة زوجها في المستقبل إن اضطر لذلك وكان في ضائقة مالية؟!
وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيكم وبكم، ويبارك لكم في أوقاتكم وجهودكم، وينفع بكم أينما حللتم، ويجزيكم خير الجزاء، وأن يجعل جميع أعمالكم خالصة لوجهه، ويتقبلها منكم، اللهم آمين.
وعذرا على بعث استشارة أخرى، إلا أنني نسيت إضافة الدافع الذي دفعني لكتابة الاستشارة؛ إذ أن والدتها وكلتني لإقناعها بعدم الدراسة في الجامعة المختلطة لأنها لمست فيها سرعة التأثر بمن حولها خاصة الأخوات ( شبه مسلمات، أو مسلمات بالاسم )، وتخشى عليها من الانحراف ... وعندما حاول والدها إقناعها بعدم الذهاب، ظنت أنهما لا يرغبان لها بالدراسة، وتضايقت، فأوصتني بالتكفل بهذا الأمر، وأسأل الله أن أكون أهلاً له، وعند حسن ظنها، اللهم آمين.
لذا أرجو من فضيلتكم توجيه النصح البليغ كما عهدناه منكم دائماً ... وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجزيكم خير الجزاء، ويكرمكم بالدارين، اللهم آمين.