الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوتر والقلق وقلة الثقة بالنفس في تحقيق الأهداف

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عندي أهداف في الحياة أود تحقيقها، الجميع يثني على أدائي الدراسي، إلا أني لا أجد ثقة في نفسي وفي قدراتي أو بالأحرى أنا لا أعرف ما أمتلك من قدرات.

أشك أحياناً أني أستطيع أن أصل إلى ما أصبو إليه.
وأنا حساسة من كل كلمة انتقادية، وأتألم منها طويلاً، وإن قيلت من أقرب الناس إلي (أبي أو أمي) اللذين يرغبان الخير لي.

أعيش تحت توتر عالٍ ومن مظاهره: -أقوم بتقليم أظافري بطريقة ليست صحيحة، فأرجو منكم مساعدتي.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه من خلال رسالتك أقول بأن لديك مظاهر توتر كما ذكرتِ، وهذا التوتر يندرج تحت الاضطرابات العصابية أو ما يمكن أن نسميه باضطرابات القلق العامة، وكنت أتمنى أن يتحول هذا القلق إلى طاقة إيجابية؛ لأن القلق هو طاقة في الأصل مطلوبة ليكون الإنسان ناجحاً ومثابراً ولديه الدافعية الصحيحة، ولكن الإنسان إذا تراخى ولم يكن مراقباً وحازماً مع نفسه قد يتحول القلق إلى طاقة نفسية سلبية يكون مردودها هو الاضطراب وفقدان الثقة بالنفس.

لا أعتقد أنك تعانين من درجة عالية من القلق، وبما أنك حساسة فهذا أيضاً يزيد إلى عثراتك النفسية البسيطة والتي تجعلك مهزوزة الثقة بالرغم من أن الجميع يشهد لك بالتفوق والمقدرة للإنجاز.

أنا أنصحك بأن تركزي على هذه الأهداف التي ذكرتها، فأنت قلت: أنك لديك أهداف في الحياة تودين تحقيقها، فهذا شيء جميل، هذه الأهداف لابد أن تكون واقعية، وبعد أن تحددي الهدف تحددين الآليات التي يمكن أن توصلك إلى هذا الهدف وتبدئي التطبيق، الأمر هكذا ولا توجد أي خلال سحرية أخرى.

حقيقة أنت تتميزين بأنه لديك أهداف محددة، بعض الناس ليس لديهم أهداف في الحياة، ويتركون الأمور ويأخذونها كما تأتي، ولكن بما أن لديك أهدافاً فهذا أمر إيجابي، حددي الهدف، حددي الآليات التي سوف توصلك لهذا الهدف، وابدئي في التطبيق والتنفيذ دون تراخي ودون مساومة مع النفس، ولابد أن تضعي جدولة زمنية واضحة تلتزمين بها التزام القاطع، ويمكنك أن تبحثي عن المعينات التي توصلك للأهداف، والمعينات قد تكون معينات خارجية عن طريق أساتذتك أو عن طريق أهلك أو عن طريق صديقاتك، كلهم يمكن أن يشدوا من أزرك ويساعدوك في الوصول لهذه الأهداف.

كلمة (لا أجد الثقة في نفسي) هي حقيقة تعبير هلامي جدّاً، والثقة لا يمكن قياسها أو تحديدها، وحتى يصل الإنسان إلى مرحلة الثقة والرضا على ما يقوم به عليه أن ينفذ الأشياء التي يود القيام بها؛ لأن التنفيذ هو الذي يوصل الإنسان إلى مرحلة الرضا، ولكن التمني والمشاعر الزائفة وأحلام اليقظة هي التي تضعف من ثقتنا بأنفسنا إذا أسرفنا في التفكير فيها ولم نقم بالتطبيق.

إذن أُرجعك إلى ما قلته لك سابقاً وهو أن تضعي الهدف وأن تضعي الآليات وأن تضعي المعينات وأن تطبقي وأن تنفذي بجدولة زمنية واضحة ودون أي مساومات.

هذا هو الذي أراه ولا يوجد أي حلٍّ آخر، وهذا سهل وليس بمستحيل، فلابد أن يكون لك الثقة ولابد أن تعرفي قيمة المسئولية وتكوني مستبصرة بذلك، واعرفي أنه لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم (( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ))[الشمس:7-10].

وأنت لك أشياء جميلة في حياتك، فأنت في بدايات الشباب في المرحلة الطلابية، فهذه هي مراحل الطاقات النفسية والجسدية، فعليك أن تستفيدي من هذه المرحلة العمرية.

قلت: إنك حساسة من أي كلمة تقال لك، أيضاً أنت متفهمة لمشكلتك، وهذه تعالج بأن تفهمي أنك لا يمكن أن تتحكمي في الآخرين، لا يمكن أن تفرضي قيماً معينة على الآخرين، لذا لا أقول لك: كوني متشائمة، ولكن تصوري دائماً الأسوأ أن الناس لن يقولوا لك ما يروق لك دائماً، وتقبلي ما تسمعينه من الآخرين حتى وإن كان لا يرضيك، وفي نفس الوقت حاولي أن تعبري عن نفسك بصورة لائقة وبصورة معقولة؛ لأن الكتمان والسكوت على ما لا يرضي كثيراً ما يؤدي إلى تراكمات وإلى احتقانات داخلية.

سيكون من الجيد لك أيضاً أن تمارسي أي نوع من التمارين الرياضية المتاحة لك كفتاة مسلمة، فالرياضة ذات عائد إيجابي عظيم للصحة النفسية وكذلك للصحة الجسدية، الرياضة تبعث طاقات جديدة وتحسن من الدافعية وتؤدي إلى توازن كيميائي وبيولوجي داخلي يؤدي إلى الشعور الاسترخاء والطمأنينة، فأرجو أن تكوني حريصة على ذلك.

يبقى بعد ذلك أن أصف لك علاجاً بسيطاً مضاداً للقلق والتوتر وإن شاء الله سوف تجدين فيه فائدة كبيرة جدّاً، وهو دواء غير إدماني وغير تعودي وليس له أي آثار جانبية سلبية، يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، وجرعته هي نصف مليجرام -أي الحبة تحتوي على نصف مليجرام-.
أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة مساءً يومياً لمدة، أسبوعياً، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة صباحاً ومساءً، لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضيها إلى حبة واحدة يومياً لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناولها.

يجب أن تكوني متفائلة ويجب أن تكون لديك عزيمة، ودائماً عيشي على الأمل والتوكل على الله تعالى والرجاء بأن يشملك سبحانه وأن يشملنا جميعاً برحمته ورضوانه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً