الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لمن يداوم على الصلاة لكن لا يؤديها في وقتها

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة -والحمد لله- متدينة، أرتدي الحجاب الشرعي، طيبة وخلوقة، والحمد لله، أنا على أحسن حال، لكني في بعض الأحيان أعيش حياة سوداء بسبب أني لا أقوم بأداء الصلوات في وقتها، أنا أداوم على الصلاة لكن لا أؤديها في وقتها، أريد حلاً لهذا .. كيف أعمل؟

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أميرة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلال أن يمنَّ عليك بالثبات على الدين ومزيداً من الالتزام والطاعة والقرب منه سبحانه وتعالى، وأن يجعل لك بهذا الحجاب الشرعي الذي تلبسينه حجاباً من النار، وأن يعينك على أداء الصلاة في أوقاتها، وأن يُحبب إليك الإيمان وأن يزينه في قلبك، وأن يُكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- من أنك -ولله الحمد- متدينة وترتدين الحجاب الشرعي، وأنك على خلق طيب، فهذا من فضل الله، وهذه النعم نعمٌ عظيمة وأسأل الله أن يثبتك عليها وهي إن دلت على شيء -ابنتي الكريمة أميرة- فإنما تدل على أن الله يحبك؛ لأن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً يسر له الطاعة وأعانه على العبادة وحبب إليه الإيمان، فاحمدي الله تبارك وتعالى حمداً كثيراً على هذه النعم العظيمة واسألي الله تعالى ألا يسلبها منك، وأن يجعلك دائماً على هدىً ونور وعلى التزام بشرعه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

أما فيما يتعلق بأنك لا تقومين بأداء الصلوات في وقتها في بعض الأيام، فإني أقول: بأن ذلك خلل حقيقي، وهذا معناه أن هناك ثغرة في التزامك، لأنك تعلمين أن الصلاة هي أعظم عمل يقوم به المسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)، وقال أيضاً: (الصلاة خير موضوع)، فكونك لا تؤدين الصلاة في أوقاتها معناه أنك على خطر عظيم.

دوامك على الصلاة ولكن لا تؤديها في أوقاتها هذه مشكلة؛ لأن الله تبارك وتعالى لما قال: ((فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ))[الماعون:4-5]، قال العلماء هنا: السهو عن الصلاة هو معناه عدم أدائها في وقتها، فالله تبارك وتعالى قد توعَّد المسلم الذي لا يصلي بالويل، والويل هو العذاب الشديد، والعياذ بالله، وكيف يكون الإنسان ملتزماً وهو لا يحافظ على الصلاة في أوقاتها؟ وما فائدة الحجاب الشرعي إذا كنت لا تحافظين على الصلاة في وقتها؟ فإذن لا بد لك أن تلزمي نفسك بذلك.

أما سؤالك: كيف العمل؟ فهذا قرار منك أنت، لابد أن تشعري بأهمية الصلاة، وأنها لا يمكن أن يقبل الله منك عمل إذا كانت الصلاة غير مطبق فيها شرع الله تبارك وتعالى وتؤدى في وقتها، ولذلك قاومي نفسك بكل ما أوتيت من قوة، وأول ما تسمعي الأذان أو تعرفي الوقت لا تتلكئي ولا تتقاعسي مهما كان الذي في يدك؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: ((إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ))[الجمعة:9]، فأول ما تسمعين الأذان -بارك الله فيك- لا تقولي بعد دقائق سوف أفعل؛ لأن هذا التسويف هو الذي يؤدي إلى تأخير الصلاة عن وقتها، ولكن خذي قراراً حازماً أنك ما أن تسمعي الأذان حتى تدخلي فوراً إلى دورة المياه إذا لم تكوني متوضئة وتتوضئي وتخرجي لتصلي الصلاة في وقتها، واعلمي أنه لن يستطيع أن يغير أميرة إلا أميرة نفسها؛ لأن هذه المسألة مسألة داخلية وليس حقيقة من حل إلا بعزيمتك أنت وإصرارك، فأنت إذا أخذت الأمر بجدية وعزم وحزم وسألت الله تبارك وتعالى أن يعينك على أداء الصلاة في وقتها فسوف تعانين -بإذن الله تعالى- وتحافظين عليها.

إذن: لابد من أخذ القرار، ما أن تسمعي الأذان أو تعلمي بدخول الوقت حتى تقومي مباشرة إلى الصلاة ولا تُشغلي بأي أمر آخر؛ لأنه لا يوجد هناك أي أمر أهم من الصلاة، فالصلاة كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: (واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)، فهي أعظم عمل وهي أهم عمل، وهي العمل الوحيد الذي بيَّن الله على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام أن تاركه يكفر والعياذ بالله، ولقد قال الله في القرآن الكريم: ((فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا))[مريم:59]، وابن عباس رضي الله عنهما يقول: الغيُّ وادي في جهنم تستجير جهنم من حره، أعده الله لتارك الصلاة والمتكاسل عنها، والله تبارك وتعالى -كما ذكرتُ لك- قال: ((فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ))[الماعون:4-5]، والنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا بقوله: (أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن كانت كاملة كمل سائر عمله، وإن كانت ناقصة نقص سائر عمله).

فاجتهدي بارك الله فيك في المحافظة عليها وأدائها في أول أوقاتها، واستعيني بالله تعالى على ذلك، وأكثري من الدعاء أن يشرح الله صدرك لذلك، وأن يعينك عليه، واعلمي أن من دعا الله استجاب له؛ لأنه أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة حيث قال: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ))[غافر:60].

أسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب hosni

    كان عندي نفس المشكل و لكن بفضل ربي و مجهودي و دعائي تخطية المشكلة

  • الجزائر مروة

    الحمد لله رب العالمين, اما بعد فانا ايضا اعاني من هذه المشكلة على الرغم من انني اعلم قيمة اللاة في الاسلام الا انني اتقاعس و دائما أؤنب نفسي على ذلك اسال الله تعالى ان يعينني على تخطي هذه المشكلة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً