الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب بسبب موت عزيز

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من حالة اكتئاب وحزن شديد، وأصبحت انعزالياً جداً، ولا أثق بأحد، ولا يعجبني شيء، أبحث وأريد شيئاً ما فلا أجده، وأعلمكم أني فقدت شخصين عزيزين علي جداً، كانا كل شيء في حياتي! ولا أجد لحياتي معنى بفقدهم، ولا أرى من الناس مثلهما.
أرشدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أبو المثنى حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نبدأ ونسأل الله الرحمة والمغفرة للعزيزين عليك، ولا شك أن الموت حق، وهو الحقيقة الأبدية الدائمة، وأن يتفاعل الإنسان ويحزن على من يفقد فهذا أمر مقبول جدّاً وهو طبيعي جدّاً، وهو التفاعل الإنساني الصحيح.

إخراج العواطف والتعبير عنها أمر جائز من الناحية الشرعية ومن الناحية النفسية، والإنسان حين يصاب بمصيبة – والموت مصيبة لا في شك – عليه أن يصبر، وإنما الصبر عند الصدمة الأولى، وعلى الإنسان أن يتذكر أن الموت لا محالة واقع، ولكنَّ ديننا الحنيف علّمنا كيف نتعامل مع الموت، فالإنسان يصبر في أمور الدنيا وعليه أن يصبر، ولكن أيضاً عليه أن يصبر في أمور الآخرة ومنها الموت.

أنا على ثقة كاملة أنك حين تدعو بالرحمة والمغفرة لمن فقدت، ستجد راحة كبيرة في نفسك، ادعُ لهم بالرحمة وادعُ لهم بالمغفرة، وحاول أن تبر أصدقاءهم وأرحامهم وأهلهم، وهنا سوف تحس بمكافئة ذاتية داخلية، وهذا هو الوفاء، ولكن أن يتشبث الإنسان ويتعلق بموتى هذا أمر ليس بصحيح، والحياة مستمرة إلى أن يشاء الله لها أن تستمر.

الإسلام تعامل مع قضية الموت بكل شفافية، وتعامل معها معاملة سلوكية عظيمة، وهذا هو الذي يجب أن يكون ديدننا، وهذا هو الذي يجب أن نتبعه، لابد أن تنظم نفسك وترتب نفسك في غياب من فقدت، والحزن عاطفة إنسانية، وحتى رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو أعظم البشر- قد حزن على فراق ابنه، ولكن علمنا أيضاً ألا نقول إلا ما يرضي الله.

أنا على ثقة تامة أنك على وعي تام بذلك، ولكن أريدك أن تعيش عيشة نفسية حقيقية، بفكرك وعاطفتك مع هذا الفقد، وسوف تجد إن شاء الله أنك قد أصبحت من الصابرين.

عليك أيضاً أن تجعل حياتك تسير، وعليك أن تركز في دراستك، وعليك أن تتواصل اجتماعياً، وعليك بالتركيز على صلواتك ووردك القرآني وأدعيتك، أدعية الأحوال وأدعية المساء وأدعية الصباح؛ فإن شاء الله فيها معين كبير لك.

أنا أدعوك أيضاً لأن تتواصل مع من تبقى من أصدقائك، وإن شاء الله هم كثر، وسوف تجد من يواسيك، وسوف تجد من يقف معك بإذن الله تعالى.

لا أرى مطلقاً أن هنالك حاجة لأدوية علاجية في مثل حالتك، ولكن إذا صعب عليك الأمر لا مانع أن تتناول أحد الأدوية البسيطة التي تساعد في توجيه العواطف في مثل هذه الحالات.

الدواء الذي نصفه يعرف باسم موتيفال، يمكنك أن تتناوله بمعدل حبة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين أو ثلاثة، وهذا إن شاء الله يكفي بأن يزيل عنك القلق والتوتر، والشعور بالحزن سوف يقل، ولكن عليك بالصبر، وإن شاء الله سوف تجد أنك قد أصبحت أكثر قبولاً ومواءمة وتكيفاً مع هذا الفقد العزيز.

أسأل الله لهم الرحمة ولنا جميعاً ولجميع المسلمين والمسلمات، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً