الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العزلة عن الناس والناتجة عن اهتزاز الثقة بالنفس وكيف تعالج

السؤال

السلام عليكم.

كنت أود أن أدخل كلية عسكرية من صغري، وقدمت ولم أنجح، فبدأت أنعزل عن الناس، ودائماً أنا حزين، وأحب أقعد وحدي وأكلم نفسي، وأتخيل أني أكلم أناساً وهم غير موجودين أصلاً، أرجو العلاج بسرعة!

علماً بأني على هذا الحال منذ حوالي خمس سنوات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، فجزاك الله خيراً، ونشكرك على ثقتك فيما يقدمه موقعك إسلام ويب.

فكونك لم تدخل الكلية العسكرية ولم توفق في ذلك هذا ليس نهاية الأمر، ففي أيام الصغر والطفولة واليفاعة كل الناس تكون لهم بعض الأمنيات، وهذه الأمنيات قد يفكر فيها الإنسان بكثافة واسترسال للدرجة التي تمثل نوعاً من أحلام اليقظة، وأحلام اليقظة كثيراً ما تتحقق، فأنا لا أرى سبباً يدعوك أن تكون حزيناً حيال هذا الأمر، فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم، فلا تجعل إخفاقك في دخولك للكلية العسكرية سبيلاً وسبباً لأن تكون حزيناً، عش الحياة الآن، عشها بقوة، يجب أن تقبل نفسك بكل إمكانياتك: إمكانياتك النفسية، إمكانياتك الجسدية، إمكانياتك الاجتماعية، وبعد أن تقبل نفسك وتفهمها اسع لتطويرها، وتطوير النفس يأتي على أسس معروفة، أول هذه الأسس أن يكون لك عمل أو تكون لك دراسة.

ثانيها: أن تكون قريباً من ربك، أن تكون عابداً مواظباً مراعياً لكل متطلبات الشريعة الإسلامية السمحة، وعليك بالدعاء فسلاح الدعاء قوي ويوصل الإنسان لما يريد - بإذن الله تعالى – وكن حريصاً على صلواتك في المسجد، واجعل لنفسك نصيباً من القرآن.

وبعد ذلك أيضاً الشق الثالث وهو هام جدّاً أن تتواصل اجتماعياً، أن يكون لك حضور، شارك الناس في أفراحهم وفي أتراحهم، تواصلك مع أقربائك، تواصل مع أرحامك ومع أصدقائك ومع جيرانك، اشترك في الأعمال الخيرية في الجمعيات، هناك أشياء كثيرة يمكن أن تعمل فيها وتشارك فيها وتخرجك من هذا الذي أنت فيه.

عليك ألا تجلس في البيت مع النت أو مع التليفزيون، هذه وسائل لا نقول أنها مرفوضة، ولكن نقول أنها مضرة جدّاً إذا انغمس الإنسان وقضى فيها وقتاً أكثر مما يجب، لأنها تبني لدى الإنسان الشعور بالوحدة والشعور بعدم الكفاءة والانطوائية والقوقعة على الذات، وهذا كله ليس جيداً، فعليك أن تخرج نفسك من هذا الذي أنت فيه، وأنت - إن شاء الله تعالى – لديك القدرة على أن تغير ما بك.

أنا لا أعتقد أن الذي تعاني منه اكتئاب حقيقي، هو نوع من عسر المزاج واهتزاز الثقة بالنفس وعدم القدرة على التواؤم، فلا أعتقد أن هناك كدراً حقيقياً، وحتى نساعدك كما ذكرت لك سوف أصف أحد الأدوية الفعالة جدّاً والمفيدة جدّاً والتي - إن شاء الله تعالى – سوف تساعدك على الخروج من هذه الحالة. والعقار الذي أود أن أصفه لك يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرين مليجراما (كبسولة واحدة) في اليوم، تناوله بعد الأكل لأن هذا هو الأفضل، استمر على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناوله.

الدواء أؤكد لك أنه من الأدوية الممتازة والأدوية السليمة والأدوية الفعالة وغير الإدمانية. كن حريصاً في استعماله بانتظام وسوف تجد - إن شاء الله تعالى – فيه فائدة طيبة وعظيمة جدّاً.

نحن نشكرك كثيراً على تواصلك معنا في إسلام ويب، وفي ذات الوقت نطالبك بأن تطبق ما ذكرناه لك من إرشاد بسيط وتتناول الأدوية التي وصفناها لك، وسوف تجد - إن شاء الله تعالى – أن مزاجك قد تحسن وأنك أصبحت أكثر حيوية وتفاعلية وقبولاً للحياة.

بارك الله فيك، وجزك الله كل خير، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً