الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تجنب البذاءة عند الغضب والمعاندة في الجدال بين الخطيبين

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإخوة أصحاب القلوب الطيبة المليئة بحب الناس، أشكر لكم كل الجهود التي تبذلوها من أجل أن تصلوا بنا إلى بر الأمان والاطمئنان.
خطيبي توجد لديه عادة سيئة جداً أكرهها ولا أستطيع أن أخلصه منها، وهي : عند حدوث شجار بيننا على أمرٍ ما سواءً كان الأمر يستحق كل ذلك أم لا، إذا عاندت واستمريت في النقاش بحدة أجده يسمعني ألفاظا جارحة، وأنا بطبعي حساسة جداً منذ صغري، ولا أحتمل حتى النظرة الجارحة ولا أجد سوى البكاء بحرقة لساعات وربما أيام بسبب حزني، حتى أنني ذات مرة كنت مثل المجنونة أخبط برأسي في الحائط ولا أشعر بالألم من جراء ذلك !

حاولت أفهمه أكثر من مرة أنني لا أحتمل هذا الأسلوب وبكيت له، لكنه لم يغيره، ولا أنسى أن أقول: إنه يحمل صفات أخرى جميلة وكثيرة، فهو كريم، حنون، يحبني بجنون، اجتماعي، مرح، يرتاح له الناس بسرعة، وعنده شهامة ورجولة ومتدين، لكن ما ذكرته هو عيبه فقط وكأنه يستخدمه وسيلة دفاع عن نفسه، وأيضاً وسيلة ضغط ورفض للمجادلة .
أتمنى أن أجد عندكم الحل لأنني متعبة جداً، ولا أحتمل تجريحاته (مثل أنت غبية ما تفهمي، وعقلك صغير....إلى غير ذلك).
أشكركم على سعة صدوركم، وأتمنى أن تكونوا قد فهمتم المقصود من سؤالي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ فلة حفظها الله ورعاها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يصلح الأحوال والنيات، وأن يرزقنا جميعاً الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا وبعد:
فليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء، وسباب المسلم فسوق، والصواب أن نعود أنفسنا عندما نغضب بذكر الألفاظ الطيبة مثل قول بعضهم الله يهديك، الله يسامحك.

وأرجو أن تتجنبي بدايةً الألفاظ التي تغضبه وتوصله إلى هذه الدرجة، ومن الضروري أن تتخلصي من العناد، وعندما يصل النقاش إلى طريق مسدود فعلينا أن نتوقف ونغير الموضوع أو المكان كأن يخرج الإنسان من الحجرة إلى غرفة أخرى.

والذي يتضح من السؤال أن هذا الرجل لا يزال مجرد خطيب فقط، والخطبة هي مجرد وعد بالزواج ولا تبيح لنا التوسع في العلاقات، وإذا حصل التوافق فالصواب هو الإسراع بإكمال مراسيم الزواج.

ولأن المرأة لا تنسى الكلمات الجارحة فينبغي لهذا الزوج أن يكف عن هذا الأسلوب، ومن هنا يتجلى الإعجاز في النهي الشرعي عن التقبيح والضرب في الوجه (ولا تقبح ولا تضرب في الوجه).

وإذا جرح الإنسان في جسده فإن عمر الجرح قد يكون لأيام معدودة، ولكن الجروح النفسية عميقة ومؤلمة وتتجدد ذكرياتها مع كل موقف، ومن جانبك أرجو تفادي المواقف التي توصله إلى هذه الدرجة.

وذكّريه بأن هذا لا يجوز شرعاً، وإذا لم يغير هذا الأسلوب فسوف يصعب عليّ الاستمرار معك.

وسوف تزداد خطورة هذا السلوك عندما يرزقكم الله بأطفال، والطفل يتضرر جداً من أبٍ يشتم ويلعن ويسب، وخاصة إذا كان السباب يقع على الأم، وهذا يحطم القدوة في نفوسهم ويحملهم على احتقار الأم وكراهية الأب، ويدفعهم للهروب خارج المنزل حيث رفاق الشر والعياذ بالله.

وإذا كان هذا الرجل متدينا، فكيف يبيح لنفسه هذا الأمر الذي حرمه الله، والقرآن يأمرنا بأن نقول للناس حسناً، وأنت أولى الناس بالكلمات الطيبة وخير الناس خيرهم لأهله.

ويؤسف الإنسان أن يقول: إن بعض الرجال يكون ظريفاً مع الناس يبتسم في وجوههم، فإذا دخل بيته تغير وساءت أخلاقه، وهذا يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان في بيته ضحاكاً بساماً يدخل السرور على أهله، وكان رفيقاً يحب الرفق في الأمر كله، والله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف.
والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً