الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا أصنع مع أذى أهل زوجي ووقوفه ضدي؟

السؤال

قبل زواجي وافقت أن أسكن مع أهل زوجي في ملحق صغير على أن أستقل في منزل خاص بعد أن تستقر ظروفي أنا وزوجي، مع أن أحوال زوجي المادية جيدة والحمد لله؛ لكن مراعاة لزوجي فأنا لا أريد أن أكلفه، حيث إن زوجي يكمل دراسته خارج البلاد لحصوله على بعثة من عمله، ولكنه -ولله الحمد- كثيراً ما يعود للدولة خلال العطل والأعياد.. ففي حال رجوع زوجي من السفر أمكث معه عند أهله..

الله يعلم أني لم أقصر في حق زوجي ولا في حق أهله رغم صعوبة ظروفي، فأعاملهم مثل أهلي بل وأفضل حتى أكسبهم وأكسب زوجي من خلالهم، لكنني أتعرض للكلام الجارح من قبل أم زوجي، ونقلها لكلام غير صحيح لزوجي وافتعال المشاكل، بالمقابل قمت بالمستحيل لإرضائها وكسبها بمعاملتها مثل والدتي، لكن دون جدوى، حتى أنني لا أخبر زوجي أبدًا بما تقوم به والدته لأتجنب المشاكل، ولكنه يصدقها ويقوم دائمًا بتوبيخي رغم محاولاتي معه.

مؤخرا قامت أم زوجي بطردي من المنزل دون أن أفعل لها شيئًا، وعندما حضرت لمنزل والدي لحل المشاكل التي كانت بيننا طلب والدي من زوجي منزلاً مستقلاً -وهذا لا يعني أن لا يعتني بأمه- أو حتى أن أبقى عند أهلي مؤقتًا إلى أن يتخرج زوجي ونستقر، وإن حضر في العطلات نقيم في شقة مفروشة أو ما شابه مؤقتًا، لكنه رفض، وما كان من أم زوجي إلا أن تقول لأبي فلتبق ابنتك معلقة عندك، وشتمتني، وقالت لن يجهز ابني بيتًا لها وسأقوم بتزويجه.

موقف زوجي كان سيئًا جدًا، وبالفعل قال لي ابقي في بيت أهلك ولا تنتظري مني اتصالاً، ولا سؤالاً، حتى أنه أصبح يهدد بالطلاق، وأنني إن لم أذهب معه لمنزل أهله سيتزوج من أخرى.

الله يعلم أنني لا أبحث عن حل إلا من أجل ابني الرضيع، فالمشاكل بدأت أيضًا بسببه، ووالده يريد أخده، لا أريده أن يتربى متشتتًا، لا أعلم ما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد أحسنت أيتها الأخت الكريمة بصبرك على أهل زوجك وحسن معاملتك لهم، وأنت إن أردت بذلك تأليف قلوبهم وقلب زوجك لتحفظي أسرتك وزوجك فإنك مأجورة بإذن الله تعالى، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وكوني على ثقة بأنك كلما بقيت على هذه الحال وأحسنت إليهم مع إساءتهم إليك فإن الله عز وجل معينك وناصرك ومؤيدك.

ولقد أصبت كبد الحقيقة بخوفك من تشتت أسرتك ونشوء ولدك في جو أسري مشتت، ونحن لا نريد أن نزيدك هماً إلى همومك وخوفاً إلى خوفك، ولكن يتعين علينا أن نلفت انتباهك إلى ما نظن أنه ربما لم تنتبهي له، ألا وهو أن الإنسان قد يتصرف في حالة الغضب بما قد يندم عليه حين لا ينفع الندم، ونقصد بهذا أن زوجك قد يشتعل الغضب في نفسه فيتصرف تصرفاً لا نحب أن يقع، فقد يطلق قبل أن تهدأ النفوس، وقد يفكر فعلاً بالزواج من أخرى، مع عدم الاستعداد التام لمثل هذا القرار ونحو ذلك، ويبقى في آخر المطاف أنت والولد والزوج من يتحمل عواقب هذه المواقف، ولذا فإننا أيتها الأخت نتمنى أن تنظري في الأمر بعقل وروية، ونحن نوصيك بالآتي:

1- الصبر الجميل وقهر النفس لتتحملي جزءاً من العناء في معاودة بيت زوجك واحتمال أذى أهله إن أساؤوا إليك، فإن الحكماء يقولون: الحيلة فيما لا حيلة فيه الصبر.

2- تذكري أنك في وضع مقبول في الجملة ما دمت تعيشين في ملحق مستقل عن الأهل، وهذا الوضع لن يطول، فإن الأسرة إذا كبرت قليلاً ووسع الله على زوجك لن تبقي في هذا المسكن الضيق، لكن الأمر يحتاج إلى صبر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (واعلم أن النصر مع الصبر).

3- كوني على ثقة أيتها الكريمة أن النفوس القاسية لا بد وأن تلين يوماً، فلا تيأسي من صلاح علاقتك بأهل زوجك، فداومي على التودد إليهم ومعاملتهم معاملتك لأبيك وأمك، وتذكري أن مقدم المولود قد يساعد على وصل كثير مما انقطع.

4- بادري بالاتصال بزوجك وتذكيره بحبك له وحرصك على قربه، وذكريه بحرصك على أن تعيشي معه وولدكما في جو أسري مملوء بالمحبة والرحمة، ولا بأس عليك في أن تبدي له الاعتذار إن كان قد بلغه شيء عنك مما لا يحب، ففي كل هذا ما يلين قلبه لك.

5- أحسني التودد والاعتذار إلى والديك وصارحيهما برغبتك في العيش مع زوجك، وإن قصر في بعض حقوقك، فهذا خير من الفراق، وسيفهمان -إن شاء الله- موقفك، ونحن ندرك أيتها الأخت الكريمة أن ما وصفناه لك قد يكون ثقيلاً على نفسك ونحن نشعر بهذا، ولكنه بلا شك العلاج النافع لما أنت فيه الآن، فلا بد أن يلين أحد الجانبين، وأنت مأجورة بإذن الله تعالى إن صبرت واحتسبت، وسيجعل الله تعالى لك فرجاً ومخرجاً، ونسأل الله تعالى أن يتولاك برحمته وأن يقدر لك الخير.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً