الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة العجز عن التواصل مع الآخرين والكلام معهم.

السؤال

السلام عليكم..


إخواني الأعزاء! بارك الله فيكم على الجهود الطيبة المباركة التي تقدمونها في هذا الموقع، وجزاكم الله عليها خير الجزاء.

مشكلتي هي أني لا أعرف كيف أتكلم مع الناس وأفتح معهم مواضيع وأناقشهم، وهذا يسبب لي إحراجات كثيرة، حيث أني أكون دائماً منعزلاً في البيت، لا أخرج كثيراً إلا للصلاة في المسجد، وأكاد لا أصل رحمي إلا نادراً، ولا أذهب لزيارة أصدقائي بسبب هذه المشكلة، وإذا كلمني أحدهم أو مزح معي فإنني أكتفي بالضحك فقط، ولا أتكلم، وإذا تكلمت مع أحدهم فإن النقاش ينقطع فجأة.

نسكت فجأة، وبعد هذه الحوارات كثيراً ما أجد كلاماً أفضل بكثير كان من الأفضل أن يقال في موقف معين، وأقول: يا ليتني قلت كذا أو كذا، وهذه المشكلة جعلتني أفكر فيها كثيراً، وأدعو الله دائماً أن يخلصني منها.
بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، فنحن نسعد أيما سعادة بتواصلك وتواصل إخوانك معنا، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يرزقك القدرة على الفصاحة والبيان، وأن يعينك على كسب ثقة الآخرين من حولك، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.

بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنه ومما لا شك فيه أن الحالة التي ذكرتها حالة مزعجة، لأنها تفقدك التواصل مع الآخرين بطريقة صحيحة، وتجعلك في حالة عجز عن بيان وجهة نظرك، أو التعبير عن آرائك، وهذا مما لاشك فيه يجعل انسجام الإنسان أو تواصله مع المجتمع قليلاً أو ضعيفاً، وفي نفس الوقت أيضاً يفوت عليه مصالح كثيرة، فالتعبير بالفصاحة والبيان عما يريده الإنسان يكسب قلوب الآخرين، ويستحوذ على إعجابهم، وفي نفس الوقت أيضاً يُكسب المرء شخصية قوية؛ لأن معظم الشخصيات القوية المؤثرة في العالم كانت تُحسن الكلام والتعبير عما تريد، ولذلك استطاعت أن تقود العالم.

هناك الآن في معظم دول العالم مؤسسات خاصة بتعلم فن الخطابة، وفن الحوار وفن الإلقاء، فهذه بلا شك وسيلة لابد منها، وعدمها يؤدي إلى الانعزالية فعلاً، كما ذكرت في رسالتك.

لكن هذه المسألة أنت لا تستطيع أن تتغلب عليها وحدك، لأنها تعتبر مشكلة كأي مشكلة مرضية أخرى تحتاج إلى علاج، ومن هنا فإني أنصحك بأن تراجع الاستشارات المتعلقة بإزالة هذه العقدة اللسانية سلوكياً ً، وهي موجودة بإذن الله تعالى.

أنا لا أقصد علاجك بالعلاج الدوائي، وإنما أقصد إعادة ترتيب عقلك من الداخل، وترتيب الأولويات واكتساب المهارات.

هناك كتب لابد لك من أن تستعين ببعضها، مثلاً: كتاب (كيف تكسب الأصدقاء) هذا كتاب لأحد المؤلفين الأجانب، ولكنه يُعطي المهارات في كيفية كسب الصدقات أو تكوين صدقات مع الآخرين.

أيضاً كتاب (كيف تثق بنفسك وبالآخرين) هذا كتاب أيضاً لمؤلف مصري موجود أيضاً يُباع في المكتبات، كذلك أيضاً كتاب (تعلم التفاؤل)، وكتاب آخر يسمى (من يشد خيوطك) وكتاب آخر اسمه (اعتن بحياتك) هذه كتب كلها بإذن الله تعالى من الممكن أن تصب في حل هذه المشكلة بإذن الله تعالى، لأنك تحتاج إلى ضرورة التدريب وتلقي معلومات، وإدخال بيانات إلى ذاكرتك حتى تستطيع أن تعيد ترتيب أولوياتك مرة أخرى، وتستطيع أن تعبر عن ذاتك بصورة أفضل.

من الممكن أيضاً أن تمارس أنت هذا عندما تتكلم مع من هم أقل منك سِنّاً أو قدراً، من الممكن أن تشعر أنك تتكلم معهم بطلاقة، فإذن المشكلة عندك فقدان الثقة بالنفس، فأنت تحتاج إلى كتاب (كيف تثق بنفسك) فقط، وأيضاً (كيف تكسب نفسك والآخرين)، وهي كلها عبارة عن تنمية الموارد البشرية.

أنت تحتاج إلى موارد من هذا الباب، والدخول أيضاً على الإنترنت من الممكن أيضاً أن تكتب هذا العنوان وأنا واثق أنك ستجد كماً كبيراً من المعلومات المفيدة والنافعة والمنضبطة التي تساعدك.

إذا لم تساعد نفسك -أخي عبد الله- فثق وتأكد أنه لن يساعدك أحد؛ لأن القضية قضية شخصية، قضية خلل معين يحتاج إلى علاج، وكأي مرض من الأمراض العضوية، إلا أن الأمراض العضوية تحتاج إلى أدوية وإلى عقاقير أو إلى إبر وحقن، وتحتاج أحياناً إلى عمليات جراحية، أما الآن أنت تحتاج فقط إلى تغيير في طريقة الأداء، وهذه مهارة سهلة، يعني ليست صعبة إذا كنت راغباً بالرغبة الشديدة أنك تريد أن تتخلص منها، فثق وتأكد من أنك ستتخلص منها بإذن الله تعالى.

التدريب العملي الذي أنصحك به قبل أن تبدأ مثلاً رحلتك في قراءة الكتب، أن تتكلم مع أُناس أصغر منك حتى تأخذ وتعطي معهم في الكلام، وتكون أنت في موقف القوة، لأنك عندما تكون أكبر وهم أصغر فقطعاً أنت ستتكلم بطلاقة لأنك تعرف أنهم لن يهزءوا بك ولم يسخروا منك وسيسمعون كلامك.

لو وجدت نفسك تتكلم بطلاقة مع من هو أصغر منك سنّاً مثلاً أو أقل منك منزلة اجتماعية، فمعنى ذلك أنك عندك فُقدان الثقة بالنفس، فتحتاج إلى أن تتكلم المهارات التي تجعلك واثقاً بنفسك، وهي كلها موجودة هنا كما ذكرت لك وليس فيها مشكلة، فالإنترنت الآن فيه كمية هائلة من المعلومات التي قد لا توجد في معظم مكتبات العالم العربي كله مع الأسف الشديد.

أنا أرى إن شاء الله تعالى أن تستعين بهذه الوسائل بعد الله تعالى، وأن تحاول أن تدرب نفسك كما ذكرت على الحديث مع من هم أقل منك، وعندما تأتي لتتحدث مع الكبار تخيل أن الذي أمامك هذا إنسان صغير، وأنت تتكلم معه، فتكلم معه كذلك، وعندما تجلس معه حاول أن تخرج من ذاكرتك أنه شخص كبير، وقد يهزأ منك وقد يعلق على كلامك مثلاً أو يحتقرك، لا.. انظر إليه على أنه إنسان صغير، وتخيل أنت بعقلك الباطن أن هذا الذي أمامك هو نفس الشاب الذي كنت تتحدث معه من ساعة.

بهذه الكيفية تحتاج إلى شيء من التركيز، وأنا واثق أنه عما قريب بإذن الله تعالى سوف تحل مشكلتك نهائياً، ولكن أنصح بضرورة قراءة كتب أو الدخول على مواقع والبحث عن (كيفية استعادة الثقة بالنفس) (كيف تبني ثقتك بنفسك) (عدم الثقة بالنفس وعلاجه) هذه مسائل إن شاء الله تعالى تقرأ فيها شيئاً جيداً سينفعك الله تبارك وتعالى به.

ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة التالي: علاج عدم القدرة على الحديث والتعبير عن الذات سلوكياً 267560 - 267075 - .

أسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد، وأسأله تبارك وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يعينك على التخلص من تلك السلبية، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، إنه جواد الكريم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً