الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النوم الكثير الناتج عن الإجهاد، أريد حلول عملية.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على اهتمامكم الدائم بنا، ونحن نقدر تضحيتكم وسهركم على إسعادنا وتلبية طلباتنا.

في الآونة الأخيرة اكتشفت أني أصبحت أنام كثيراً، حتى الفجر لم أعد أستيقظ لأصليه، والسبب هو التعب والإرهاق بسب الدراسة، فلقد عانيت الكثير هذه السنة حتى كثرت الهالات السوداء تحت عيوني واشتد سوادها.

للعلم أني كنت أنام فقط 6 ساعات في اليوم، لكني الآن أصبحت أنام 7 ساعات إلى 8 ساعات، وهذا أثر على حياتي كثيراً.

ولتفادي هذه المشكلة والسهر في الليل أصبحت أشرب كوبين مركزين من القهوة، حتى أصبحت أشعر في آلام في المعدة والرغبة في التقيؤ، فقطعتها.

فهل سيعاقبني المولى إن لم أستيقظ لأصلي الفجر في وقته؟

وهل جائز أن أصلي الفجر بعد أذانه بساعة لكن قبل شروق الشمس؟

ولو سمحتم أريد علاجاً طبيعياً بدون أدوية لكثرة النوم، للعلم أني لا أتناول وجبة العشاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Yussra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فحقيقة بالنسبة لكثرة النوم قد تنتج من الإجهاد، أو قد تنتج من عدم تنظيم النوم، أو قد تكون ناتجة من اكتئاب نفسي من نوع معين، وفي بعض الأحيان قد تكون ناتجة من عجز في الغدة الدرقية.

لا أعتقد أنه في مثل عمرك يوجد به عجز في إفراز الغدة الدرقية، أو حتى اكتئاب نفسي، الأمر كله قد يكون مرتبطاً بشيء من الإجهاد، لأنك تدرسين لساعات طويلة، وهذا أدى إلى عدم انتظام في الساعة البيولوجية لديك، مما جعلك تنامين نوماً طويلاً، ولكنه بالطبع نوماً غير صحي.

فيا أيتها الكريمة: الذي أنصحك به: مهما كانت مستلزمات الدراسة فالإنسان يمكن أن ينظم وقته ويُنجز ما يريده دون أن يُجهد نفسه.

فالذي أنصحك به هو أولاً أن تدرسي بعد صلاة الفجر، ادرسي ساعتين بعد صلاة الفجر، وقبل أن تذهبي إلى المدرسة، وهذه في حد ذاتها تمثل ثلاث إلى أربع ساعات في الأوقات الأخرى، هذا سوف يحل مشكلتك مع صلاة الفجر.

ثانياً: الإنسان إذا قدر الأمور وأعطاها أهميتها سوف يُنجزها، وكما تعلمين -أيتها الفاضلة الكريمة- الصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، والصلاة هي عماد الدين، فيجب أن نرفعها إلى هذه المقامات العالية، وحين نرفعها هذا المقام العالي في نفوسنا ووجداننا سوف نقوم ونصلي.

أعرف من لا يستعمل حتى الساعة المنبهة ويقوم للصلاة في وقتها، وذلك لأن نفسه وجسده وعقله وفكره قد تطبع على وقت الصلاة، فالأمر هو استشعار أهمية الأمر، وهذا هو الذي أنصحك به.

بالنسبة للأساليب الأخرى: كما ذكرت حاولي أن تدرسي بعد صلاة الفجر وقبل الذهاب إلى المدرسة، ونامي في وقت محدد ليلاً مثلاً الساعة العاشرة مساءً، أعتقد أن ذلك وقت جيد وكافٍ جدّاً، وخلال الفترة من بعد الدراسة إلى النوم هنالك ساعات كثيرة يمكنك أن تدرسي فيها، ويمكنك أن تروحي عن نفسك بما هو طيب ومشروع، ويمكنك أن تجلسي مع أسرتك، أن تمارسي تمارين رياضية خفيفة، هذا كله يساعد -إن شاء الله- في الاستيقاظ أيضاً في وقت مبكر، وعليك بالطبع بأن يكون لك ساعة منبهة وضعي الساعة بعيداً عن فراشك، لا تضعيها بالقرب من الفراش وهذا يضطرك لأن تقومي للصلاة في وقتها.

بالنسبة لشرب القهوة أو الشاي، هذا أيضاً جيد، ولكن إذا سبب لك ضرراً مثل آلام المعدة فأعتقد أنه من الأفضل أن لا تكثري منها، أو يمكنك أن تستبدليها بشرب الشاي الأخضر، هذا جيد، وفي نفس الوقت يعطي طاقات جيدة.

ممارسة التمارين الرياضية مفيدة ومهمة جدّاً، وأرجو أن أذكرك أن أذكار النوم تساعد أيضاً في الاستيقاظ في الوقت الذي يرغب فيه للاستيقاظ، هذا جربه الكثير من الأخوة وأفادونا بذلك، فكوني حريصة على أذكار النوم، وأسأل الله لك التوفيق والسداد ودوام النجاح.
وبالله التوفيق.

انتهت إجابة المستشار النفسي الدكتور/ محمد عبد العليم، يليها إجابة المستشار الشرعي الشيخ/ أحمد الفودعي.
___________________________________
فمرحباً بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتولى عونك، وأن يزيدك هدىً وصلاحاً.

لقد فرحنا -أيتها البنت العزيزة- لما لمسناه في رسالتك من حرص على أداء الصلاة في وقتها، ونحن على ثقة أيتها الكريمة بأنك إذا عملت بالنصائح التي أسداها إليك الدكتور محمد - جزاه الله خيراً - والإرشادات التي أحالك إليها فإنك إذا أخذت بها ستقدرين بإذن الله تعالى وتوفيقه على القيام بواجباتك الدينية مع القيام بمصالحك الدنيوية، فالنوم المبكر أيتها الكريمة له أثر بالغ في نشاط الإنسان في نهاره، وفي استيقاظه مبكراً، كما أن فيه الموافقة للسنة النبوية، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكره الحديث بعد العشاء، إلا في أمر مهم كمدارسة العلم ونحو ذلك، ولكن مع كل هذا ينبغي الاعتدال بقدر الاستطاعة.

ونحن ننصحك -أيتها الكريمة- بأن تأخذي بأسباب الاستيقاظ قدر استطاعتك قبل النوم، ومن هذه الأسباب بعد النوم المبكر: أن تحاولي النوم على طهارة وذكر، ومنها أن تأخذي بأسباب الاستيقاظ الحسية، بأن تأخذي المنبهات التي تنبهك وقت الصلاة كالتليفون مثلاً أو غير ذلك، أو أن تطلبي من بعض الأهل في البيت أن يوقظوك لصلاة الفجر، فهذا أمر حسن، وهو من أسباب العون على القيام لهذه الطاعة الجليلة وهي صلاة الفجر، وغير خافٍ عليك الثواب الجزيل الذي رتبه الله سبحانه وتعالى على صلاة الفجر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن من يصلي الفجر فهو في ذمة الله، أي: في حماية الله عز وجل وحراسته باقي اليوم، وأخبرنا -عليه الصلاة والسلام- بأن ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها، ويقصد بهذا النافلة، فكيف بالفريضة؟

والأحاديث في هذا الباب كثيرة، ولو لم يكن منها إلا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يتحدث عن صلاة الفجر وصلاة العصر فيقول: (من صلى البردين دخل الجنة)، ويعد من صلى قبل طلوع الشمس بأنه لا تمسه النار، فينبغي لك الحرص على أن تؤدي هذه الصلاة في وقتها بقدر الاستطاعة، فإذا استيقظت خلال الوقت سواء في أول الوقت أو في وسط الوقت أو في آخر الوقت قبل طلوع الشمس فهذه الصلاة لاتزال في الوقت وأنت مأجورة على أدائها في وقتها.

وإذا قُدر أنك غلبت بالنوم فلم تستيقظي إلا بعد طلوع الشمس فإنه لا إثم عليك كذلك، وعليك أيضاً أن تقضيها بعد طلوع الشمس فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها)، فلا تفرطي في الأخذ بأسباب الاستيقاظ، وإذا غلبك النوم فلم تستيقظي في الوقت فلا حرج عليك ولا إثم، أما إذا صليتها قبل طلوع الشمس فإن هذا لايزال في الوقت ولا إثم عليك بلا شك.

نسأل الله تعالى أن ييسر أمورك وأن يعينك على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً