الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لست اجتماعيا وأتحاشى الأصدقاء .. فهل من توجيه يرشدني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باختصار أكره الذهاب للمناسبات الاجتماعية، وأتحاشى الأصدقاء المعروفين، أفضل الصحبة عندي أن يكون شخصا واحدا فقط، لا أرتاح إذا كانا اثنين، لأني لا أحب المزاح، حتى لو كان شخصا واحدا فقط، خوفا أن يضحك الثاني!

إذا دخلت على اثنين يضحكان أشك في نفسي! أي كلمة غير مفهومة أفهمها عليّ! صداقاتي محدودة وقديمة، إذا كنا مجموعة مثلا وعلق أحد الأصدقاء عليّ وضحك الآخرون أضيع هنا ويحمر وجهي لماذا؟!

إذا حظر صديق لي إلى البيت وكان معه صديق جديد لا أعرفه تكون الجلسة رسمية جدا مع هذا الصديق، لا أكون صداقات بسرعة، ولا أرغب في ذلك، لا أتحمل المزاح ولا أحب الاسترسال فيه، دائما متحفظ، أريد أن أكون على طبيعتي وعفويتي بعيدا من هذه الحساسية والتشكك الزائد واحمرار الوجه لأي مزحة أو انتقاد يجلب ضحكا.

تعبت، عصبي، وسهل الاستفزاز، أريد التوازن في أفعالي وردود أفعالي، إذا دعيت لمناسبة أريد أن أذهب بدون تفكير أو من سيكون هناك، وكيف أسلم؟ وكيف أتقبل مزاح الآخرين في المناسبة؟ إلخ...

مع خالص الشكر للدكتور محمد عبد العليم وجميع القائمين على الموقع.

جزيتم كل خير ولا حرمتم أجرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المغترب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن هنالك عدة جوانب هي التي تجعلك تجد صعوبة في التفاعل الاجتماعي مع الآخرين بسهولة وسرعة، وهذه الجوانب فيها جزء يعكس طبيعة شخصيتك، وفيها جزء يحمل بعض سمات الخوف والرهاب الاجتماعي، وفيها جزء آخر هو أساس لتطبعك وتعودك وعلى نهجك لنمط معين للتعامل الاجتماعي، وأحسست أيضًا أن لديك درجة بسيطة من سوء التأويل؛ لذا تنتابك الشكوك حول نوايا الآخرين.

هذه كلها يمكننا أن نعتبرها نمطًا من أنماط الشخصية، مع درجة بسيطة من الرهاب الاجتماعي، وهذا هو تشخيص حالتك.

احمرار الوجه هو دليل على حدوث رهاب وانفعال وقلق في تلك اللحظة، والظاهرة هي ظاهرة فسيولوجية في المقام الأول، يحدث زيادة في إفراز بعض المواد مثل الأدرانين، وهذا يؤدي إلى زيادة تدفق في الدم، وهذا التدفق يظهر في الشرايين الرفيعة في الوجه وهي سطحية نسبيًا؛ لذا يحدث هذا الاحمرار، فهو عملية فسيولوجية بحتة وليس أكثر من ذلك.

أولاً من حيث العلاج أريد أن أؤكد لك أن هذه ليست حالة مرضية، وما دمت أنت متفهما وبصورة دقيقة الصعوبات التي تواجهك فيجب أن تقوم بفعل ضدها، وهذا هو المبدأ السلوكي المعروف. هذا قد يسبب لك القلق، قد يسبب لك التوتر، لكن بشيء من النقاش الموضوعي مع نفسك تستطيع أن تصل إلى خلاصة أننا يجب أن نتعايش مع الناس حسب مفاهيمنا وقيمنا، لكن يجب أن نقدر أيضًا مفاهيم وقيم الآخرين، وأن الإنسان هو كائن اجتماعي بطبعه، فيجب أن أكون مثل الآخرين، الأمر يحتاج لحوار مع الذات، يحتاج لتركيز وتمعن، وشيء من الموضوعية كما ذكرت لك. هذا هو المبدأ الأول.

المبدأ الثاني: حاول أن تركز على الأمور الإيجابية في سماتك الشخصية، ومن خلالها انطلق وحاول أن تطورها، لأن تطوير العادات والصفات الشخصية في الإنسان سوف يملأ الحيز الذي تشغله الصفات والسمات السلبية، وهذا يعطي لبشعور بالرضى في نهاية الأمر.

ثالثًا: أرجو أن تتخير بعض الناس الذين ترى أن هناك نوعا من التواؤم والتكيف في الطباع ما بينك وبينهم، لابد أن يكون هنالك من هو سائر على نفس نمطك، فحاول أن تتخير مثل هؤلاء، وابني معهم علاقات وطور شبكتك الاجتماعية، سوف تستفيد منهم وسوف يستفيدون منك، ومن خلالهم يمكنكم أن تنطلقوا نحو المجتمع بصورة أرحب وأكبر.

رابعًا: هنالك دراسات جادة جدًّا توضح أن الانخراط في العمل التطوعي والخيري والاجتماعي تهذب النفس من شوائبها الانطوائية وكذلك التمركز حول الذات، فاجعل لنفسك نصيبًا من هذه الأنشطة وكذلك الأنشطة الرياضية.

خامسًا: الذي أنصح به هو أن الأدوية المضادة للقلق والرهاب والمخاوف ستكون مفيدة في مثل حالتك، وكجزء من الرزمة العلاجية الكاملة أرجو أن تتناول أحد هذه الأدوية، ولا شك أن الزيروكسات هو الأفضل، وجرعته هي أن تبدأ بنصف حبة، تناولها يوميًا بعد الأكل، يفضل أن تتناولها في المساء، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، هو دواء فعال وجيد وسليم وغير إدماني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • سوريا بيلسان

    شكرا على هذه الإجابة الكافية

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً