الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خالتي تكن لي كل سوء... فكيف أحسن علاقتي بها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي خالة كبيرة في سنها، حساسة جدا، لا تتكلم عن نفسها، تذكر عيوب الناس، وحصل واختلفت معها في بعض الأمور وتخاصمنا فترة من الوقت, تصالحنا بعدها ـ والحمد لله - لكنها لا تزال تخفي شيئا في نفسها، وكأنها تريد الانتقام وتتصيد زلاتي وهفواتي وتضخمها، وكأنني أتعمد الخطأ، وصرت حذرة في التعامل معها حتى لا تتصيد هذه الهفوات، وأتجاهل تصرفاتها الخاطئة معي.

تتذكر أخطاء الناس معها في الماضي, ولكن كثيرا ما تتكلم بالسوء عني وفي حظرتي أمام الناس وكأني عدوها اللدود! ألاحظ أنها تكتم مشاعرها, يبدو عليها الحزن, ليس لها رأي، وتأخذ برأي من حولها حتى وإن كانت تعلم أنه خطأ، ولكن لا تتجرأ أن تخالفهم، وإذا سألها أحد من الناس دائما ما ترد بلا أدري، وكثيرا ما تشتكي من حالها (أولادي مشغولون عني, دائما أجلس وحدي, الناس لا يسألون عني, أنا ضعيفة ومسكينة}.

احترت في التعامل معها، وأجتهد في التعامل معها بالحسنى، وعسى الله أن يهدينا إلى أحسن الأقوال والأعمال، وأشكر لكم جهودكم عسى الله أن يجعها في موازين أعمالكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فمرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك حرصك على الإحسان إلى خالتك وإنزالها منزلتها، وهذا من الدين بلا شك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الخالة (الخالة بمنزلة الأم) وقد بوّب العلماء على الحديث في كتب السنة التي يروون فيها هذا الحديث بقولهم (باب ما جاء في بر الخالة) ثم يروون هذا الحديث، يستدلون به على أن هذا الحديث فيه مشروعية البر بالخالة والحث عليه، وقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الأم، أي بمنزلة الأم في الحضانة، لأن بها من الرأفة والرحمة والحنو على ابن أختها مثل ما يكون في قلب الأم، وهذا يُبين لك بإخبار النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى عمّا يكون قلب خالتك لك من الرحمة والرأفة والمودة، وإن ظهر في بعض الأحيان من تصرفاتها وأخلاقها ما قد ينافي هذا، فهذا يكون تحت تأثير الطبع ودواعي الطباع من الانتقام ونحو ذلك لمن أساء، لكنه ليس هو الأصل المتقرر في قلبها، ومن ثم فنحن نشد على يديك في الاجتهاد في بر خالتك والإحسان إليها بقدر الاستطاعة وإن أساءت إليك.

وإذا كان حسن الخلق بالعفو والصفح عن المسيء مطلوبا من الإنسان المسلم مع عموم الناس فكيف مع أقرب الناس إليه كالخالة ونحوها.

وكسب قلبها وهي في هذه السن أمر هين سهل، ونحن نوصيك بثلاثة أمور نأمل أن تملكي بها قلب خالتك هذه، فتحظين برضى الله عز وجل وثواب الإحسان إليها، ثم تحظين كذلك بدعواتها، فربما نفعك الله عز وجل بدعوةٍ تصدر منها.

أول هذه الوسائل: أن تحاولي جاهدة إدخال السرور عليها بالهدية والإحسان المادي، فإن للهدية شأنًا عظيمًا في كسب القلب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا) وهي في هذه السن تحب من يعتني بها ويُظهر اهتمامه بها وتذكره لها، وواضح جدًّا أنها تعاني من بعض إهمال من أبنائها، فكوني أنت من يسابق إلى هذا الخير بجبر قلبها والإحسان إليها.

الوسيلة الثانية: توقيرها ومدحها أمام الناس بما يليق بها من غير زيادة وغلو، ومن غير ما يُدخل إليها العُجب، فإذا أظهرت احترامك لها وتوقيرك لها أمام الناس فإنها ستشعر بمزيد حب لك مما يُذهب ما في قلبها من نقمة عليك تتصيد من أجلها أخطاءك.

الوسيلة الثالثة: تعاهدها بالزيارة والاتصال بين الوقت والوقت، فإن السلام كما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم سبب من أسباب المحبة فقال: (أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) فتعاهدها بالزيارة والسلام والسؤال عن حالها، وتقديم ما تحتاجه من خدمة إذا كان بمقدورك من غير ضرر عليك، كل هذا سبب أكيد لنيل محبة خالتك هذه، ثم هو قبل هذا كله سبب لنيل محبة الله تعالى، فإن صلة الرحم والإحسان إليهم من أعظم القربات التي يتقرب بها الإنسان إلى ربه سبحانه وتعالى، فإذا فعلت ذلك ابتغاء مرضاة الله وطلبًا لمثوبته فإن الله عز وجل سيكلل جهودك بالنجاح ولن يخيب سعيك.

نسأل الله تعالى أن يزيدك حرصًا على الخير وييسره لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً