الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السنة الأخيرة في الجامعة وأشعر بالإحباط والفشل، فهل من نصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة سنة أخيرة، لي حلم كنت أراه كل ليلة نجمة لامعة وسط سماء ليلي، والآن ليلي بلا نجوم، كنت قبل سنتين فقط أملك كل ما أريد، كنت المتفوقة في مدرستي، كانوا ينادونني بالدكتورة أينما ذهبت، كنت محط إعجاب أهلي وصديقاتي وكل من حولي، كانت لي شخصيتي القوية وصديقة هي توأم روحي.

أما الآن فقد فقدت كل شيء، كل شيء، ولا أدري لمَ؟ لم أعد متفوقة، لم أعد تلك الذكية، أصبحت الدراسة بالنسبة لي صعبة جدا، أصبحت بطيئة الاستيعاب، وشاردة معظم الوقت، توأم روحي سافرت بعيدا ولا أمل من عودتها.

أما شخصيتي فلن تجد أضعف منها، أصبحت فاشلة، حلمي بأن أكون طبيبة، لم يبقَ سوى شهرين على تحديد مصيره، وها أنا أراه ينهار أمامي، أصبحت أهرب من واقعي بسماع الأغاني.

لم أعد أجلس مع أهلي أو أخرج معهم، لم أعد أستطع الاندماج والتفاعل مع طالبات صفي، فإيجاد صديقة أصبح بالنسبة لي أمرا مستحيلا، لم أعد أحب شيئا سوى الجلوس في إحدى زوايا غرفتي وسماع الأغاني وتخيل النجاح، والآن لا أدري ماذا أفعل؟ فقد حصلت على معدل 83% في نصف السنة.

سأخيب آمال أهلي، سأكون فاشلة‍! أرجوكم أنقذوني لا أريد أن أكون فاشلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جلنار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

أسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك من كل مكروه، ونحن في إسلام ويب سعداء بتواصلك معنا في موقعك وموقع كل سائل.

أختنا الكريمة، بداية أختلف معك في كلمة: فقدت كل شيء، لا، لم تفقدي كل شيء، وأنت لا زلت كما أنت ذكية، ولا زلت كما أنت متميزة، ولكن المشكلة يا أختنا أنك تبدو عاطفية جدا، وقد تعلقت بصديقتك التي سميتها توأم الروح، فكانت بالنسبة لك رئة ثانية تتنفسين بها وتشاركينها آلامك وأحزانك، وأهم من ذلك تشاركتما الحلم الجميل بالغد المشرق، حتى ارتبط الغد في عقلك الباطن وما فيه من سعادة وخير بصديقتك، فلما غابت أصابتك صدمة لم تفرقي بين غيابها عنك وغياب مستقبلك كله، إذ تم الإيحاء الداخلي عندك بأن أحلامك المشتركة معها قد غابت بغيبتها، وهذا هو جوهر الخلل الذي حدث معك.

إن ذكاءك كما هو لكنك أصبحت شاردة الذهن ضعيفة التركيز قليلة الأمل، وهذا هو الذي أضعف مستواك، وعلاج هذا يا أختنا كالتالي، وأريدك أن تنتبهي له:

أولا: اجعلي ثقتك بالله وتوكلك عليه، وكوني على ثقة بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، وأنه سبحانه أقرب إلينا من حبل الوريد.

ثانيا: جددي ثقتك بنفسك، وذكريها بأنك إنسانة ذكية ومتميزة وقوية الشخصية، لا تجعلي هذا العبث يثبطك عن حلمك الجميل.

ثالثا: ضعي الهدف أمام عينك، ولا تسمحي للشوارد أن تثنيك عن هدفك، وثقي أنك بإذن الله واصلة إليه.

رابعا: عليك أن تؤمني بأن الفراق بعد اللقاء سنة كونية، وأعز الخلق محمد صلى الله عليه وسلم قد فارق الحياة، وأنتما حتما كنتما ستفترقان إما بالسفر أو الانتقال أو الزواج أو حتى الموت، أسأل الله أن يطيل في أعماركما على طاعته، فالفراق إذن أمر طبيعي فلا تنزعجي له.

خامسا: سلمي لله في قضائه وقدره، واعلمي أن الله يختار لعبده الأصلح والأفضل، ولا تعجلي العجز، بل كوني متمسكة بالله قوية به، وعليك بالدعاء لصديقتك في صلاتك بأن يوفقها الله.

سادسا: أنت في تحد بينك وبين نفسك، بين الأخت الطموحة التي تريد أن تصل إلى هدفها وبين الهواجس التي تريد أن تردها، وإمكاناتك كاملة موجودة لكنها فقط تحتاج إلى الإرادة وتحديد الهدف وجدولته والبدء بالأهم فالمهم، وعدم الالتفات مطلقا للخلف.

سابعا: الغناء يا أختنا ليس حلا، بل هو هروب من الواقع إلى الخيال، ومن الحقيقة إلى الوهم، ولا يحل مشكلة ولا يسكن ألما، بل لا يترك القلب إلا وقد أصابه بالنفاق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل" والعلماء قد تحدثوا في حكمه وأكثرهم على حرمته، ولا يستعان على طاعة الله يا أختنا بمعصيته.

ثامنا: علقي قلبك بالله، وأكثري من الدعاء في الصلاة، واعلمي أن من أفضل ما يسعى العبد له مرضاة الله، فاجتهدي في ذلك، وثقي أن الله لا يخذل عباده المقبلين عليه.

وأخيرا نحن في إسلام ويب ندعو الله لك أن ييسر أمرك، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه، ونحن في انتظار البشارة بالنجاح يا دكتورة جلنار.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول حكم الغناء 280589 - 280738.
والإقلاع عن سماع الأغاني: 23302917189.

وفقك الله والسلام عليكم ورحمة الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً