الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من انعدام الثقة في النفس، ولدي مخاوف كثيرة

السؤال

السلام عليكم ..

أنا امرأة أبلغ من العمر 27، متزوجة، أعاني من اضطراب الشخصية، فأنا عند أهلي واثقة من نفسي، ولكن عند الأغراب وفي المدرسة سابقا وعند أهل زوجي ليس عندي ثقة في نفسي، أحس أنهم يراقبوني ويراقبون كلامي، أكثر وقتي معهم صامتة، الحمد لله أنا أحضر مناسبات، ولكني لست اجتماعية،
لا أكون علاقات بسرعة، قليلة الكلام، أيضا أعاني من الوساوس، أخاف على زوجي وإخواني وأبنائي من الحوادث، أتخيل أنهم متوفين، وأتخيل كيف يكون وضعي إذا سمعت خبر وفاتهم، إذا اتصلت بأهلي ولم يردوا علي أوسوس وأخاف أن مصيبة حصلت لهم، إذا لم يعجبني وضعي في الحياة أحس بأني ليس لي هدف في الحياة، أتمنى أن أتوظف.

أتمنى أن أقراء كتب وأكون مثقفة، أتمنى أن أكون متحدثة في المجالس، وأخاف من الطائرة ومن الطرق الطويلة، فحرمت نفسي من السفر، وأيضا أنا حساسة جدا وسريعة البكاء.

أريد حلا، جزاكم الله خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ساره حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فحقيقة أريد أن أركز على موضوع الاضطرابات الشخصية، لأنك ذكرت أنك تعانين من هذه العلة، وأنا أقدر رأيك وأحترمه ولكني لا أوافقك على ذلك، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً الاضطرابات الشخصية ليس بالتشخيص السهل، وهنالك ضوابط تشخيصية لا بد أن يقوم بها الشخص المختص، وهذه الضوابط تعتمد على اختبارات في الشخصية وعلى التحليل الإكلينيكي - أي السريري - الذي يقوم به المختص من خلال الملاحظة والمناظرة المباشرة، وأيضًا ما يعتقده الشخص حول نفسه وكذلك رؤية الآخرين نحوه لا بد أن تُعطى اعتبارًا لوضع هذا التشخيص، فلذا أنا أريدك أن لا تنعتي ولا تصفي نفسك بأنك تعانين من اضطراب في الشخصية.

أقول هذا استنادًا على ما ذكرته سلفًا، وإضافة إلى أن رسالتك ونوعية الأعراض التي تشتكين منها لا تدل أبدًا على أنك تعانين من اضطرابات في الشخصية.

الذي تعانين منه هو المخاوف الوسواسية، وهي نوع من القلق النفسي، وهذه المخاوف الوسواسية تؤدي إلى درجة بسيطة من الاكتئاب وكذلك الشكوك، وتجعل الإنسان ينظر للأمور الحياتية خاصة المتعلقة بذاته ومن حوله والماضي والحاضر والمستقبل بشيء من السلبية، وافتقاد التفاؤل.

ولذا هذه الخطوة العلاجية الأولى وهي: أن تكوني متفائلة، أن تقدري الأشياء الطيبة في حياتك، ولا تقللي من شأنها. أنت الحمد لله لديك أسرة، وربة منزل، وعليك واجبات كثيرة، ويمكن أن تكوني نافعة لنفسك ولغيرك، فلا تُلبسي نفسك هذا الثوب الواهي والسلبي. النظرة السلبية هي من أكبر العلل التي نشاهدها ونواجهها الآن في الطب النفسي، فكوني أكثر إيجابية أيها الفاضلة الكريمة.

كل ما تريدين الوصول إليه من القراءة والثقافة وأن تكوني متحدثة وأن لا تخافي من الطائرة، كلها أمور بسيطة، الإنسان يمكن أن يوسع من معارفه ومن مداركه، وذلك بالقراءة، والقراءة الجيدة الرصينة، التواصل الاجتماعي، المشاركة في الأنشطة الثقافية والخيرية، حفظ القرآن الكريم، هذه كلها تعطي الإنسان قوة وفعالية ومثابرة على التفكير الإيجابي والتوجه المعرفي السليم، فكوني حريصة على ذلك.

بالنسبة للوساوس: دائمًا تعالج بتحقيرها وتجاهلها واستبدالها بفكر أو فعل مضاد. أعرف أن ذلك ليس بالسهل، لكنه ليس بالمستحيل.
التجاهل يتطلب الصبر، التحقير يتطلب الإصرار، واستبدال الفكرة بفكرة مضادة أو فعل مضاد يتطلب القناعة أن الحياة ليست على شاكلة أو وتيرة واحدة، فهذا هو المنهج الذي أنصحك به.

الجزء الأخير في العلاج هو العلاج الدوائي، وحقيقة أنا سعيد أن أقول لك أنه توجد أدوية ممتازة فعالة تعالج القلق والمخاوف والوساوس، وكذلك الاكتئاب النفسي، وبفضل الله تعالى توجد الآن أدوية دواء واحد يحمل كل هذه الخاصيات، لكن يتحصل المرء على فعالية الدواء لا بد أن يكون هنالك قناعة وإرادة التحسن والالتزام التام بالجرعة الدوائية والمدة العلاجية المقررة؛ لأن هذه الأدوية تعمل من خلال ما نسميه بالبناء الكيميائي.

من أفضل الأدوية التي سوف تفيدك بإذن الله تعالى الدواء الذي يعرف تجاريًا باسم (لسترال) ويعرف تجاريًا أيضًا باسم (زولفت) ويعرف علميًا باسم (سيرترالين) وهو لا يتطلب وصفة طبية، ابدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً بعد الأكل، استمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبتين في اليوم، ويمكنك تناولها كجرعة واحدة ليلاً، أو كجرعة حبة صباحًا وحبة مساءً، ومدة العلاج هي ثلاثة أشهر. استمري عليها بانتظام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الممتازة، الفاعلة، المفيدة، غير الإدمانية، ولا يؤثر أبدًا على الهرمونات النسوية، فقط لا ننصح باستعماله في حالات الحمل خاصة فترة الحمل الأولى وذلك كنوع من التحوط.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً