الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقتي حطمتني فكيف أعود لما كنت عليه من نشاط وحيوية?

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

جزاكم الله خيرا على الموقع, أتمنى أن تفيدوني, جعلها الله في موازين أعمالكم, ورزقكم من فضله.

لدي مشكلة نفسية عميقة, بدأت منذ سنوات قليلة, أنا كنت إنسانة واثقة من نفسي, لدرجه الغرور, وكنت أحب أن أفتخر بنفسي, والكل كان معجبا بي, ويمدحني على ملابسي, وأناقتي, وجمالي, وشخصيتي, ومع مرور الأيام بدأت أتعب بالتدريج, وأصابني اكتئاب, وحزن, وأثّر على نفسي, وعلى شخصيتي, وأصبحت في قلق وخوف, ثم تعرفت بعد ذلك على صديقة ظننت أنها ستكون لي سندا, وتشاركني الهموم, لكنها أصبحت تسخر مني, ومن شكلي, وتحطمني بطريقة ساخرة, وجرحتني, وحطمت معنوياتي, ومنذ ذلك الوقت وأنا أشعر بكره لنفسي, وعدم الثقة, وأصابتني الوساوس بأني لا أستحق أن أعيش في الحياة, وأني لا أنفع لشيء, وأن لا أحد سيتزوجني, ولا أحد يريدني, وأنا أعيش في جحيم وعذاب نفسي كبير, وأنا أعاقب نفسي بشدة من أي شيء يحصل, وأشعر أني أنا المذنبة, وأحيانا أتندم أني تعرفت على هذه الإنسانة لأنها حطمتني, لا أعلم كيف أحل هذا الأمر, ولقد سيطرت الوساوس والأفكار على رأسي, وعلى صحتي ونفسي, حتى أصبحت لا أرغب في الطعام, ولا أهتم بمظهري مثل السابق, وأصبحت أشعر بضيق ورغبة في الموت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ smr حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فتبدل حالة الانشراح النفسي إلى الاستقرار الذي لديك, إلى اكتئاب نفسي، وهذا يمكن أن يحصل، حيث إن الإنسان بطبيعته قد يكون عرضة لتقلبات المزاج، وهذا أمر قد يتحمله البعض, وقد يجد البعض الآخر صعوبة شديدة في تحمله.

درجة الاكتئاب التي تعانين منها ليست درجة عالية إن شاء الله تعالى، وهي ممزوجة بشيء من القلق الوسواسي، والقلق كثيرًا ما يكون رديفًا للاكتئاب النفسي.

بالنسبة لعلاقتك مع هذه الأخت التي ذكرتها: أنا بالطبع أقدر وجهة نظرك تمامًا أن علاقتك معها لم تكن مريحة، لكني في ذات الوقت أريد أن أذكرك بأنه ربما يكون تحملك قد ضعف أصلاً, وأن حالتك النفسية جعلتك تنظرين للأمور بمنظار سلبي، وهذا ربما يكون جعلك تسقطين على هذه الأخت, وتكونت لديك هذه الفكرة أن كل الصعوبات والأفكار الوسواسية, والتشاؤمية, والشعور بالكدر ناتجة من هذه العلاقة.

أود أن أنبه لهذه النقطة فقط لأن التجارب قد أثبتت أن الاكتئاب النفسي أيًّا كانت درجته يجعلك تنظرين إلى الأمور بمنظار سلبي, وتشاؤمي، وغالبًا ما تكون أحكامنا خطأ ومشوهة حين نصاب بالاكتئاب، أسأل الله تعالى أن يحمي الجميع.

أنا أريدك أن تغيري فكرك إلى فكر إيجابي، تذكري الأيام الطيبة الجميلة التي عشتها، والإنسان ما دام قد جرب السعادة في وقت مضى فإن شاء الله تعالى تأتي في المستقبل كذلك.

أنت لديك المهارات, لديك المقدرات، لديك الأسس التي تجعلك تنطلقين في حياة جديدة وسعيدة.

أفكارك حول ضيق الحياة, والرغبة في الموت: أنا أجد لك العذر في مثل هذا الفكر، لأن الاكتئاب قد يؤدي إلى ذلك، لكن في نفس الوقت يجب أن تقاومي مثل هذا الفكر، بل تحقريه، فأنت لديك أشياء طيبة في حياتك، أنت مسلمة، أمامك الكثير الذي يمكن أن تقومي به، ولحظة ضيق, أو كدر يجب أن لا تجعل الإنسان يفكر بهذه الدرجة.

قوي إيمانك، كوني دائمًا في معية الله، الصلاة في وقتها، الدعاء، تلاوة القرآن، الذكر، والرفقة الطيبة، هذه إن شاء الله كلها عوامل سند للإنسان في دينه, ودنياه إن شاء الله تعالى، فكوني حريصة على ذلك.

اجعلي لحياتك أهدافا، مهما كانت هذه الأهداف صغيرة، وأنت لديك القدرة على تحقيقها، فمن خلال هذه الأهداف إن شاء الله سوف تشعرين بقيمة نفسك، وتبني إن شاء الله انطلاقات إيجابية جديدة جدًّا.

لا تحسي بالندم على تعرفك على الفتاة التي ذكرتها، فالإنسان قد يوفق, وقد لا يوفق في علاقاته، والأمر الآخر كما ذكرت لك أنه يجوز أن يكون استعدادك أصلاً للاكتئاب هو الذي جعل هذه النظرة السلبية تسيطر عليك حيال هذه الفتاة.

الفكر الوسواسي الاكتئابي الذي يتمثل ويتجسد في قولك، تأتيك فكرة أنك لا تنفعين لشيء, وأن لا أحد سيتزوجك, ولا أحد يريدك، هذا كله فكر وسواسي, وليس صحيحًا، إن شاء الله سوف تتزوجين، أسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، وإن شاء الله تعالى ستعيشين حياة طيبة جميلة.

أرى أنه سيكون من الأفضل أن تتناولي دواء محسنا للمزاج، وهذه الأدوية الآن كثيرة, وطيبة, وسليمة, ومعظمها لا تحتاج لأي وصفة طبية.

عقار (بروزاك), والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين), يعتبر من الأدوية الجيدة جدًّا في علاج مثل حالتك, أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تناوليها بعد الأكل، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك اجعلي الجرعة كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أود أن أضيف ملاحظة أخرى وهي: أنه بعد مضي شهرين من تناول (البروزاك), وبالتزام قاطع إذا لم تحسي بتحسن, هنا أرجو أن ترفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وإن شاء الله هذا سوف يساعدك على التحسن، استمري على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

نحن دائمًا ننصح بإدارة الوقت بصورة فعالة، وممارسة الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، والتواصل الاجتماعي، وأن يكون الإنسان نافعًا لنفسه ولغيره, هذه كلها من وسائل تأهيل النفس.

نشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً