الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوساوس القهرية مع العلم أنني لا أتناول أدوية، فما هي نصيحتكم لنا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم كثيرا على ما تبذلونه من مجهود في مساعدة كل من يعاني من الوساوس القهرية.

تكمن مشكلتي في أني أعاني منذ 4 سنوات من الوساوس القهرية بدأت بالخوف من الموت ثم الخوف من الجنون، وبدأ يخف تدريجيا بعد سنتين، أعيش حياة طبيعية عدا بعض الأفكار الخفيفة.

الآن منذ أسبوعين تقريبا بدأ يشتد علي ويتمحور حول المرض النفسي، الجنون، مرض الفصام عافانا الله وإياكم.

تأتيني فكرة غريبة هي أنني أخاف أن يخرج دماغي أفكار وهمية وأخاف أن أصدقها (حسب ما قرأت في البرمجة اللغوية العصبية)، علما أنني متأكدة أني بكامل قواي العقلية ولله الحمد لكن الفكرة تأبى أن تذهب وأحيان تسيطر علي هذه الفكرة لمده من الساعات لا أستطيع أن أبعدها ولو حاولت أن أفكر بشيء آخر، ثم تخف هذه الفكرة وأستطيع أن أفكر بأشياء أخرى وأتجاهلها وأفكر تفكيرا طبيعيا وإيجابيا علما بأني في كلتا الحالتين أحاول أن أضحك وأقوم بعملي وأن أبدو طبيعية لا يلاحظ أحد معاناتي، كما أنني عندما تخف أبدأ أفكر بأن حل مشكلتي هو أن أعيش حياتي وأفكر بإيجابية لكن أخاف إن يأتيني انفصام في الشخصية لا سمح الله عندما أتحول من التفكير بالفكرة السخيفة إلى الأفكار العادية لأي شخص، يعني عندما أحاول أن أنسى الفكرة تماما لمدة من الوقت.

هل الوساوس تؤدي إلى الأمراض الذهانية لا سمح الله ؟ أرجوكم أجيبوني فأنا في معاناة، علما بأني لم أتناول أية أدويه.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ س.ف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أنا أقدر كمية الإزعاج الذي يسببه الوسواس القهري، ولكن بفضل من الله تعالى الآن أصبح العلاج متوفرًا وبدرجة كبيرة.

المهم هو الالتزام القاطع بالعلاج، والدراسات الحديثة تشير أن الوسواس القهري قد يكون مرضًا مزمنًا بعض الشيء، وأرجو أن لا يكون هذا الكلام مزعجًا أبدًا، هذا الكلام حقيقة علمية، وهذا يحتم أن يكون الإنسان حريصًا على علاجه، والوساوس القهرية قد تزيد وقد تنخفض وقد تشد وقد تخف وقد تختفي أيضًا.

إذن نحن أمام حالة يكون الإنسان فيها مقتنعًا بحالته ويعرف أنها ليست معطلة له ما دام سوف يتناول علاجه، وأنا حقيقة أؤيد وبقوة شديدة الالتزام بتناول العلاج الدوائي حتى وإن طالت المدة.

لا أقول أن العلاج سيكون مدى الحياة، لكن التوجه العلمي الحديث الآن هو أن الإنسان يجب أن يحمي نفسه من هذا المرض ما دام هنالك وسيلة للحماية وهي بفضل الله تعالى عن طريق الأدوية، وهذه الأدوية سليمة وممتازة وفاعلة جدًّا.

أنا أؤكد لك أن الوساوس القهرية لا تتحول أبدًا إلى فصام، حتى تخوفك بالإصابة بالجنون أو الفصام هو نوع من الوسواس في حد ذاته، ويجب أن تقطعي الطريق على مثل هذا الفكر بالالتزام بالعلاج الدوائي وتحقير هذه الأفكار.

أنا حين أركز على العلاج الدوائي السبب في ذلك هو أن الوساوس القهرية من هذا النوع ليست من نوع الوسواس الخناس وليست من نوع حديث النفس، إنما هي حالة طبية، والحالة الطبية في مجملها يعتبر المكون الكيميائي - التغيرات التي تحدث في كيمياء الدماغ - هي العامل الرئيسي أو السبب المهم الذي لابد أن يُعالج، وهذا يعالج عن طريق الأدوية.

أنا أنصحك بتناول الدواء والاستمرار عليه لأطول فترة ممكنة، وعقار مثل بروزاك أو سيرترالين أو فافرين كلها أدوية مناسبة وجيدة، وأعرف أن بعض الأخوة الآن لديهم توجه إيجابي جدًّا وهو أن هذه الحالات - أي الوساوس القهرية - يمكن نعتبرها مثل مرض السكر الخفيف أو الضغط أو شيء من هذا، فتجدهم يلتزمون جدًّا بعلاجهم ويعيشون حياة طبيعية جدًّا.

أنا أعتقد أن انتهاجك لهذا المنهج هو الأفضل، أن تقطعي الطريق تمامًا على هذه الأفكار وذلك من خلال تناول العلاج الدوائي، وجهدك مقدر جدًّا في المقاومة لهذه الأفكار وتحقيرها وعدم الاهتمام بها.

من أفضل طرق علاج الوساوس هي أن لا نشرحها، أن لا ندقق فيها، أن لا نحاول إجابتها، لكن هذا يصعب على كثير من الناس، والوسواس في حد ذاته يسبب القلق، وبعض الناس يسترسلون في الأفكار كنوع من علاج القلق الذي يصيبهم، وهذا يتأتى منه المزيد من القلق، فإذن قطع الطريق على الوساوس كما ذكرت لك من خلال العلاج الدوائي ثم بعد ذلك المقاومة والتحقير واستبدال الفكر بفكر مخالف وعدم مناقشة الوساوس وتحليله هي الوسائل الصحيحة للعلاج.

أؤكد لك مرة أخرى أن الوساوس القهرية لا علاقة لها بالأمراض الذهانية، لا من قريب ولا من بعيد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً