الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق والخوف، ولا أدري كيف أستطيع السيطرة عليها فما العلاج؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أحب أن أشكر مصممي وممولي هذا الموقع جزاكم الله عنا خيرا.

وأرجو من الله أن أجد في الكلمات التي ستردون على بها إن شاء الله الراحة النفسية التي أفتقدها.

أعانى من مشكله القلق والخوف النفسي، ولا أدري فعلا كيف أستطيع السيطرة عليها.

وكانت في البداية عبارة عن شكل نوبة سريعة من برودة الأطراف وضيق التنفس، والدوخة أتت لي في فترة الامتحانات أثناء قراءتي للقرآن، وشعرت بأن نهايتي قد حانت، ولكن بعد ذلك تمالكت نفسي وعدت إلى طبيعتي بفضل الله مع العلم أن والدي كان يعاني من تعب شديد فئ هذه الفترة.

وبعد ذلك ظلت تتنابنى نوبات من ضيق التنفس والخوف، وصرت أعيش في قلق مستمر، وأفكر دائما فئ الموت، وكانت هذه النوبات تنتابني أيضا أثناء الصلاة، وأعتقد أن هذا بسبب تأثري بالأشخاص الذين يتوفون أثناء السجود، فقد كنت في البداية أتمنى أن أكون منهم، ولكن الآن استغفر الله العظيم أشعر بالخوف الشديد عند الصلاة وقراءة القرآن بسبب ارتباطهم في تفكيري بفكرة الموت وكانت تتنابني أيضا في منتصف الليل أفيق مذعورا ظنا مني أني سأموت، ولكن أسيطر على نفسي بإذن الله.

أرجو من الله أن تقوموا بإرسال الرد السريع لي لاني ويعلم الله أعانى معاناة شديدة جدا جدا بسبب هذه النوبات، وجزاكم الله عني، وعن كل المشتركين في هذا الموقع الجميل كل خير.

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله بيبرس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك على كلماتك الطيبة، وعلى ثقتك في هذا الموقع، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا.

لقد أعطيت وصفا دقيقا ومثاليا جدًّا لحالتك مما يسهل الوصول للتشخيص، وأقول على ضوء هذا الوصف الدقيق أن الحالة التي تعاني منها حالة تعتبر من الحالات البسيطة بالرغم مما تسببه من إزعاج وألم نفسي بالنسبة لك، فهي في الأصل نوبة من نوبات القلق، ولكنه يعتبر نوعا من القلق الخاص جدًّا يسمى بنوبات الهلع أو الهرع، وهي تأتي في بعض الأحيان دون أي مقدمات، ويشعر الإنسان خلالها كأن الموت سوف يأتيه، ويبدأ بعد ذلك في تكرار هذه الاجترارات من قلق وخوف من الموت، وهذا يُدخل الإنسان في هذه الحلقة المفرغة، وتكرر عليه الأعراض ويبدأ بالتفسيرات الوسواسية لما ينتابه.

أنا أود أن أؤكد لك أن الحالة بسيطة، هي حالة من حالات القلق، وتعالج على أسس ثلاثة: الأساس الأول هو أن تفهم طبيعتها وقد شرحنا لك ذلك، وإن كان الشرح مقتضبًا، لكن أؤكد لك للمرة الثالثة أن الحالة بسيطة، وهي حالة قلقية.

ثانيًا: العلاج الدوائي مطلوب في مثل هذه الحالات، لأن دراسات كثيرة أوضحت وبما لا يدع مجالاً للشك أن نوبات القلق مرتبطة بكيمياء الدماغ، هنالك مواد تعرف بالناقلات أو الموصلات أو المرسلات العصبية يحدث فيها عدم انتظام أو ضعف في الإفراز، وهذا يؤدي إلى ظهور هذه الحالات النفسية، والدواء كعلاج تعويضي وتصحيحي للمسارات الكيميائية في الدماغ يعتبر ضروريًا، وبفضل من الله تعالى توجد أدوية كثيرة مفيدة في مثل هذه الحالات أفضلها الدواء الذي يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس)، ويعرف علميًا باسم (إستالوبرام)، ويمكنك أن تتحصل عليه دون وصفة طبية.

والجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بعشرة مليجرام، تناولها ليلاً بعد الأكل، واستمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك ارفعها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة – أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء يجب أن يُستعمل بهذه الطريقة التي أوضحناها، فالعلاج له مراحل، مرحلة البداية - المرحلة العلاجية المكثفة – بعد ذلك تأتي المرحلة الوقاية، ثم التوقف التدريجي من الدواء، والدواء أؤكد لك أنه سليم وغير إدماني وليس له مضار إن شاء الله تعالى.

من آثاره الجانبية التي قد تحدث أنه ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن، وهذه يمكن تجنبها من خلال التحكم في الطعام، وممارسة التمارين الرياضية.

الشق الثاني في العلاج هو أن تتدرب على تمارين التنفس التدريجي، وتمارين شد وإطلاق العضلات، وهذه نسميها بتمارين الاسترخاء، وللتدرب عليها يمكنك أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح هذه التمارين، أو الحصول على كتيب أو شريط أو CD يمكن أيضًا أن تجد في تلك الوسائل توضيحا مفصلا حول هذه التمارين، ولو استطعت أن تتواصل مع أخصائي نفسي – وليس طبيبًا نفسيًا – يمكن أيضًا أن يدربك على هذه التمارين.

ثالثًا: ممارسة الرياضة بصفة عامة تعتبر مفيدة.
رابعًا: أرجو أن تحقر فكرة الخوف، وتقطع هذه الروابط ما بين فكرة الخوف من الموت على أساس مرضي، وفكرة الخوف من الموت كحقيقة ثابتة وتذكر الموت فيه خير للإنسان، لأنه يجعله يعمل لما بعد الموت.

خامسًا: إذا كنت تعاني من أي نوع من الضغوط يمكنك أن تطلب مساعدة من بعض الأصدقاء أو الأقارب، وذلك من خلال التحدث عما يدور بداخلك، فمجرد التفريغ النفسي والتحدث عن بعض الهموم يساعد الإنسان كثيرًا.

سادسًا: أنت الحمد لله في بدايات الشباب، لديك طاقات جسدية ونفسية ووجدانية كبيرة، أرجو أن تستفيد منها، أنت ذكرت أنك لا تعمل، ولا أعرفُ إن كنت لازلت في المرحلة الدراسية أم لا، المهم هو أن تُتقن شيئًا ما، العلم أو العمل، فهي ضرورية لتطوير مهارات الإنسان.

سابعًا: التواصل الاجتماعي مهم جدًّا، وإن شاء الله تعالى بعد أن يزول عسر المزاج عنك وهذه المخاوف سوف تجد أنك أصبحت أكثر قابلية واستعدادًا لأن تتواصل اجتماعيًا، فاحرص على أن تكون لك زمالة وأخوة طيبة من الصالحين من الشباب، زر أرحامك، انخرط في أنشطة اجتماعية خيرية، مارس الرياضة الجماعية... الخ، هذا كله فيه خير كثير لك.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً