الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من سوء أخلاقي مع والدي وإخواني! فما الحل؟

السؤال

أنا غير بارة لأبي وأمي، وكل إخواني يكرهوني بسبب أخلاقي، وأنا ليس عندي أسلوب حتى أتعامل معهم، مع أني والله أحبهم، فماذا أعمل؟ ساعدوني

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح ما بينك وبين والديك، وأن يوفقك لمعاملتهما معاملة طيبة تُرضي الله تعالى، وتحقق البر الذي طلبه الله تبارك وتعالى منك، كما أسأله تبارك وتعالى أن يصلح ما بينك وبين إخوانك وأخواتك، وما بين والديك، وما بين الناس جميعًا، وأن يعافيك من سوء الأخلاق، وأن يرزقك حسن خلق، وأن يجعلك من المحبوبات في الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة أميرة – أقول لك: أولاً كونك شعرت بالمشكلة هذا في حد ذاته إنجاز وإعجاز، وهو يدل على أنك صادقة في البحث عن حل لمشكلتك، وهذه الصراحة التي كتبتها وسطرتها وشعورك بالمشكلة وبحثك عن حل لها، وطلبك المساعدة من الموقع يدل على أنك بإذن الله قد وصلت إلى نسبة كبيرة من حل المشكلة نفسها.

أولاً: أتمنى بداية أن تحاولي جزاك الله خيرًا أن تقرئي شيئًا مما ذكره العلماء عن بر الوالدين، سواء كان ذلك في تفسير آيات سورة الإسراء أو غيرها، أو كان ذلك في بعض الكتب التي تتعلق ببر الوالدين، حتى تعرفي مدى عظم حق الوالدين علينا كأبناء؛ لأن الجانب العلمي مهم جدًّا في إقناع عقلك بأن هذه التصرفات التي تفعلينها لا ينبغي أن تكون بحال من الأحوال.

أنت فعلاً تعلمين ذلك، ولكن أريد حقيقة توفير قاعدة علمية. قد لا يكون لديك كتب أو لا تتوفر لديك ظروف، فاكتبي في موقع البحث جوجل مثلاً أو غيره (حق الوالدين) واقرئي ماذا قال العلماء والدعاة في حق الوالدين على الأبناء. هذا أولاً.

الأمر الثاني: أتمنى أن تسألينني: وكيف يكون ذلك؟ أول شيء عودي نفسك أن تبدئيهم بالسلام، سواء كانا الوالدين أو إخوانك، سواء كان في الصباح أو في المساء أو في أي وقت، دائمًا أول ما تقابلي أحدًا منهم أن تبدئيه بالسلام، ولا بد من هذا، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).

إذن ابدئي بارك الله فيك بالسلام على الوالدين وعلى إخوانك كلما واجهتيهم، سواء كان داخل البيت أو خارج البيت أو حتى لو خرجت من غرفة إلى غرفة ودخلت على الوالدة والوالد فابدئي بالسلام.

أتمنى أن يكون مع السلام مصافحة، ولا مانع بارك الله فيك أن تدخلي على المصافحة مسألة تقبيل الرأس، يعني تقبلي رأس الوالد والوالدة، نعم قد تقولي بأنك لم تتعودي ذلك، ولكن ما المانع أن نتعود الأفضل حتى نكون أفضل وأحسن؟ إذا لم تتمكني أو لم تطاوعك نفسك في تقبيل الرأس أو اليد فلنجعل هذا مؤخرًا.

ثالثًا: عليك ابنتي الكريمة أميرة أن تكوني مستمعة جيدة، بمعنى أن والدك أو والدتك أو إخوانك أو أخواتك، إذا تكلم أحد منهم معك فكوني حريصة على أن لا تقاطعيه أبدًا بحال من الأحوال، حتى وإن كان يتكلم في شأنك، حتى وإن كان كلامه غير مناسب بالنسبة لك، حاولي بارك الله فيك – يا بنيتي – أن لا تقاطيعهم أبدًا، وإنما كوني مستمعة جيدة، لأني واثق أنك بذلك سوف تكسبين مساحة كبيرة من محبتهم.

كوني مستمعة جيدة، لا تقاطعي أحدًا عندما يتكلم، ثم بعد ذلك بعد أن ينتهي من الكلام ابدئي أنت في الرد، ولا تتعجلي في الرد، بمعنى لا تتكلمي بسرعة، وإنما قبل أن تتكلمي حاولي أن تنظري في نوعية الكلام ما الذي تريدين أن تقولينه؟ هذا الأمر يحتاج منك إلى نوع من التركيز، وعدم العجلة في نطق العبارات أو التلفظ بالكلمات التي قد تكون صعبة، خاصة وأنك لا تريدينها.

إذن تكلمي بهدوء، وحاولي أن تتكلمي الكلام الذي لا يجرح المشاعر ولا يخدش الحياء.

كذلك بارك الله فيك إذا ما طلبوا منك شيئًا فاجتهدي في تنفيذه فورًا، ولا تتقاعسي ولا تتقاعدي، لأن التقاعس معناه إنما هو رسالة منك لوالديك بأنك لست مطيعة، ولست بارة، وبالتالي أنت تفسدين ما بينك وبينهم.

بالنسبة لإخوانك: حاولي أن تتعاوني معهم في أعمال المنزل، فأنت لست أحسن منهم، وهم ليسوا أحسن منك، وإنما حاولي أن تتعاوني معهم في أعمال المنزل الداخلية، إذا كان إخوانك يقومون بشيء من ذلك، وإذا لم يكن إخوانك يقومون بشيء من ذلك فأتمنى أن تشاركي أنت الوالدة في مسئولية البيت خاصة إعداد الطعام وترتيب المنزل والمطبخ، أو ترتيب غرف النوم وغير ذلك، حاولي أن تدخلي شيئًا جديدًا على حياتك عن طريق تقديم خدماتك إلى الوالدة والوالد.

أيضًا كذلك أنصحك بالدعاء للوالدين بطول العمر، والصحة والعافية، والسعادة والسلامة، فإن دعاءك لوالديك خاصة في السجود، أو في آخر الصلاة سوف يجعلك بإذن الله تعالى تتغلبين على مسألة النفرة التي توجد في قلبك.

اجتهدي في الدعاء لوالدك ولوالدتك ولإخوانك على قدر ما تستطيعين، وأتمنى كلما أتيحت وكانت هناك مناسبة جيدة أن تقدمي هدية لوالديك من باب الاعتراف منك بحقهما عليك، وأنك تريدين أن تعوضي هذه الفترة التي كان فيها الجو بينك وبينهم مشحونًا.

لا يلزم أن تكون الهدية نفيسة أو غالية، وإنما قد تكون وردة، أو تكون منظرا طبيعيا بسيطا، ولكنه قطعًا يعبر عن نوع من الحب والاحترام وتقدير منك لوالديك.

عليك بالدعاء أن يصلح الله ما بينك وبينهم، وأنا واثق من أنك سوف تنجحين بإذن الله تعالى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) وقال أيضًا: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء).

أسأل أن يوفقك في مهمتك، وأن يشرح صدر والديك بقبول اعتذارك لهم، ولتغيير حياتك إلى الأحسن والأفضل، وأن يجعل لك من لدنه وليًّا ونصيرًا، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب أم ها ني

    با رك الله فيكم وفيما أجدتم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً