الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أم زوجي أحسن إليها وتسيء إليّ... فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أم زوجي بعيدة جدا عن ربنا، لا تصلي إلا كل فترة، وتشتم بألفاظ بذيئة، وكل كلامها عن الناس، والأكل، واللبس، والذهب، -عياذا بالله- متمسكة بالدنيا بطريقة بشعة، مع العلم بأن عمرها 58 سنة، وتزوجت خمس مرات، وكل مرة تحدث مشاكل كبيرة بسبب الزواج، وكان زوجي يقاطعها، ولكن يرجع يرضيها من أجل الله، ولكن مشاكلها معي كثيرة، عاملتها أحسن معاملة، كنت أخاف أجلس عند أمي بسببها، وكنت كل يوم أنزل لها، وكانت تحب تجلسني معها من أول النهار وحتى الليل، وكنت لا أستطيع أجهز نفسي أو بيتي أو أكل زوجي، وهذا خوفًا من زعلها، ومن ضمن الأشياء التي كانت تعملها معي أنها كانت تستغلني أن أرتب البيت، وأطبخ، وأنظف.

مع العلم أن ابنتها متزوجة، وأخرى صغيرة، وكل الأعمال عليّ وحدي، وإذا تأخرت يومين ولم أنزل تزعل مني وتتجاهلني، أنا حالياً لا أتكلم معها لأتقي شرها من الكلام والسب والنم وغيره، فهل عليّ حرج؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

ولقد أحسنت أيتها الكريمة في محاولتك الإحسان لأم زوجك، وكوني على ثقة بأن كل ما تفعلينه من خير ومعروف معها فإنه لا يضيع عند الله تعالى، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

نوصيك باحتساب الأجر فيما تقومين به من خير، ونذكرك بأن كل ما تفعلينه من معروف مع هذه المرأة فإنه يبقى ذخرًا لك عند الله تعالى، فإن فعل المعروف مع الخلق مما رغّب فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخبر بأنه من الصدقات، فقال عليه الصلاة والسلام: (وتعين الرجل على دابته صدقة) فإذا كان الإنسان الغريب الذي لا تربطنا به علاقة إذا أعناه على أموره وحملناه على دابته أو حملنا له متاعه على دابته تُكتب لنا عند الله تعالى صدقة، فكيف بإحسانك إلى أم زوجك بأي خدمة تقومين بها، لا شك أنك في ذلك مثابة مأجورة عند الله تعالى.

كما أن في هذا السلوك أيتها الكريمة إكراماً لزوجك وإحساناً إليه، وهو بلا شك من آكد الأسباب وأهمها في كسب قلب زوجك ومودته لك، ولهذا نصيحتنا لك أن لا تستمري على ما أنت فيه من القطيعة لهذه المرأة، وبإمكانك أن تقتصري من العلاقة معها على ما فيه خير ومنفعة، وتجتنبي ما سوى ذلك، فاحرصي بارك الله فيك على بذل المعروف لها ما أمكنك ذلك، وإن كان لا يجب عليك شيء منه، ولكن بلا شك فيه خير لك في دنياك وفي آخرتك.

فلو قمت بزيارتها في بعض الأحيان وسلمت عليها، وقدمت لها من المعونة ما تقدرين عليه في شؤون بيتها، فإن ذلك كله خير وبر ينفعك عند الله تعالى وعند زوجك.

وأما قطعها بالكلية فإنه إذا لم يكن من وراء ذلك مصلحة في دينك أنت أو في دينها هي بحيث ترتدع وتنتهي عن بعض المحرمات كالغيبة والنميمة وغير ذلك، فإنه لا يُشرع الهجر لها أكثر من ثلاثة أيام، لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان، فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ففي هذا الحديث يُرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الهجر بين المسلمين ينتهي بالسلام، وأن خير الهاجر هو من يبتدئ صاحبه بالسلام.

إذا سلمت عليها عند اللقاء، فإن هذا قاطع للهجر المحرم، ولكن لا ينبغي لك أن تقفي عند هذه المرتبة، بل كل ما تفعلينه من خير معها فإن عاقبته محمودة لك ولزوجك.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير كله، ويعينك عليه، وكوني على ثقة أن فعل المعروف يؤثر في النفوس لا محالة، فإنه وإن لم يؤثر اليوم سيؤثر غدًا، فالنفوس جُبلت على حب من أحسن إليها، وقد قال الله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم}.

نسأل الله تعالى أن يتولى عونك لما فيه الخير، وأن ييسر لك سبل الرشاد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً