الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من كسل واكتئاب وعزلة حتى عن أهلي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا فتاة أبلغ من العمر 22 سنة, لا أعلم ماذا حدث لي بصراحة, ولكن بدأ هذا منذ 6 سنوات تعرضت لمواقف كثيرة ومنها خيانة من أعز صديقاتي, الخيانة كانت قوية حيث إنها مست شرفي فتعرضت لصدمة عزلتني عن العالم حولي, بدأت بافتراقي عن صديقاتي (فقدت الثقة بالجميع) وقليلا فقدت الثقة بأهلي (فابتعدت وأصبحت بعزلة عنهم بغرفتي) رغم محاولتي للانتحار مرة, ولكن لم أستطع أن أقدم عليها, وأنا أعلم بعقابي, ولكن لأنني كنت أعاني ولا أجد أحدا حولي أثق به, تجرأت وحاولت فعلها والحمد لله ربي هداني, إلا أن هذا لم يكن الشيء الوحيد, بل انخفضت درجاتي وأصبحت أحضر بالمدرسة دون أن أعلم ماذا يحدث, ولم أعد آكل ولاحظوا زملائي بالفصل التغير الحاصل, وكذلك النحف الشديد بي, وبعد دخولي للجامعة لم يتوقف هذا الحال, وأصبحت أبعد أكثر وأكثر عن الجميع.

من قبل كنت فتاة مرحة وإن ضايقني شيء أجد أناسا حولي يشاركونني في حزني, ولكن الآن أصبحت أكتم وأكتم وأجد نفسي أحيانا استيقظ من نومي وأنا أبكي, ولم يكن ابتعادي عن أصدقائي وأهلي بل لم أزر أقربائي, ولم أجد سببا لمعاشرة أحد, لن أكذب حاولت التقرب ولكن بوجودي بينهم وسكوتي استطعت أن أرى أشياء لم أراها من قبل, من سوء الأشخاص حولي ففقدت الرغبة بالتقرب منهم خوفا من تكرار ما حدث, وأن يتقدم أحد منهم لخيانتي مرة أخرى, والذي حاول باستطاعته أن يتحدث معي ويخرجني مما أنا به ولكن لم يستطع.

ودراستي الآن في الجامعة سيئة جدا, فأصبحت كثيرة الغياب ولا أقدم واجباتي وبحوثي بأوقاتها وأتغيب عن امتحاناتي.

منذ شهر تقريبا -بالأحرى ثلاث أسابيع- انتقل خالي لرحمة الله وتحطمت نفسيا وأجهدت جسدي كثيرا, وزادت الأحلام المفزعة وبعضها كما حدث من قبل, أفزع فأجدني أبكي واستغرق مني طول هذه الفترة لأخرج من هذا الحال, ومنذ أسبوعين جدتي دخلت للمشفى لغيبوبة ولم أزرها أبدا خوفا أن أقع بحالي الكئيب مرة أخرى, وعندما قررت أن أذهب لها انتقلت لرحمة الله أمس وعدت لحالي السابق.

ولكني الآن أسوء لا أستطيع تمالك نفسي عندما أحزن, والأصعب كيف أخرج من حزني وكآبتي وليس هذا, أنا فتاة أحب التصميم(الفوتوشوب) وكان هذا شغلي الشاغل وكنت أستمتع به, وكانت وسيلتي بالإفراج عن حزني, ولكن لأن الخمول والكسل أصابني وفقدت الدافع لفعل أي شي فلم أستطع كنت أسأل نفسي ( لما أفعل هذا؟ ما الفائدة التي ستعود علي من فعله؟) أصبحت أشك بكل شي أفعله, والسبب الذي يدفعني لفعل كل شي, لا أجد سببا للجلوس لوحدي لم يعد حالي يعجبني, حاولت أن استشير أطباء لكن أهلي لم يدعوني فكانوا يعتذرون بعزلتي بغرفتي عنهم وجلوسي على الانترنت, إنهم السبب بما يحدث فلم أذهب, الذي يخيفني أنني فتاة تعاني من هبوط ضغط وكلما حزنت تزيد دوختي عن التي قبلها لهذا أتمنى أن تجدون لي حلا لأخرج عن حزني وكسلي وعزلتي .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على السؤال، والذي أكيد أنه لم يكن سهلا عليك كتابته لصعوبة الوضع الذي أنت فيه، وشكرا على ثقتك بنا.

تقولين في نهاية سؤالك أنك تأملين أن نجد لك حلا ومخرجا لما أنت فيه من الحزن والكسل والعزلة.

قد لا نتفق على كل هذه التسميات، ولكن إن سألتِ هل هناك من حلّ ومن مخرج؟

فالجواب نعم، ولكن علينا الذهاب لهذا الحل، فهو لن يأتِ إلينا من نفسه.
في الحقيقة أنا قلق عليك وعلى كل ما ورد في سؤالك، فالتغيّر الذي حصل في السنوات القليلة الماضية تغيّر كبير في حياتك ومواقفك ومشاعرك وعواطفك وعلاقاتك بالآخرين وبالحياة عموما، وأنا لن أرتح ما لم تراجعي طبيبا نفسيا أو أخصائية نفسية قريبة منك، تتحدثين معها، وتفتحي لها بما في صدرك من ذكريات ومشاعر ومواقف، فنحن لابد أولا من أن نصل إلى التشخيص الدقيق لهذه الحالة التي أنت عندها.

فمن جانب عندك العديد من أعراض الاكتئاب كفقدان الاهتمام بما كنت تهتمين به وتستمتعين به، واضطراب النوم، وضعف الشهية للطعام، ونقصان الوزن، والبكاء، والنظرة السلبية، والأفكار الانتحارية.... فكل هذه تشير إلى أعراض الاكتئاب، ولكن قد تكون أشياء أخرى لا أريد أن أعددها الآن لمجرد التعداد.

والذي أريده منك، وقد تكون هذه اللحظة نقطة تحول إيجابي في كامل حياتك، لتبدئي بالصعود بعد أن وصلت لدرجة شديدة من الهبوط في المشاعر السلبية والاكتئابية.

أريدك أن تراجعي أقرب أخصائية نفسية إليك، لاستشارتها وأخذ رأيها، ويمكنك أن تراجعي مثلا المرشدة النفسية التي عندكم في الجامعة، ولعل عندكم إدارة شؤون الطالبات ممن يمكن أن يسمي لك اسم هذه الأخصائية النفسية، وليس بالضرورة أن تعرف أسرتك كل التفاصيل. أريدك أن تعاهديني بأنك ستراجعين الأخصائية النفسية الجامعية، وأن تكون هذه المحطة الأولى على طريق إيجاد الحلّ الذي طلبت وسألت عنه.

حفظك الله من كل سوء، ولابد من وجود الحل، إلا أن علينا أولا اتخاذ الأسباب التي أمرنا الله بها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً