الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابن خالي يسيء معاملتنا ويتعدى على حقوقنا..فكيف نتصرف معه؟

السؤال

السلام عليكم.

لنا ابن خال عمره 45 سنة، له 4 أولاد، سلوكه غير طبيعي وغير صحيح، وغير مقبول ولا منطقي، خاصة معنا، لا نعرف ما الدافع بالضبط، مع أن حسده وغيرته ظاهرة، لكننا نقول: الله اعلم، وهذا بشهادة الجميع، وعلى رأسهم أبوه الذي هو خالنا، حيث يقول لم أقدر عليه، وهو ظالم فلكم الحق في اتخاذ أي إجراء ترونه مناسباً، نحن في حيرة من أمرنا، وأي إجراء أو قرار نحسب له حسابًا حفاظًا على أسرتنا، وأهلنا، وسمعتنا.

تركه على هذا الحال سبب لنا كثيراً من المصاعب، ووصل الأمر إلى عدم زيارة خالنا، وقطع صلة الرحم بسببه، وقد يزيده تهورًا وإيذاء، والإساءة لنا، وإن صبرنا عليه فهذا أمر صعب؛ لأنه تعدى على حقوقنا وأضرنا، ويمكن أن يتصرف أحدنا تصرفا قد يسيء لنا أكثر، وهذا الذي لا نتمناه، وسبق وإن اتصلت به جماعة لتعديل سلوكه، ولكنه لم يسمع، كيف نتصرف في مثل هذه الأحوال أفيدونا، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ said حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأهلاً بك أخي الحبيب في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يجزيك خيراً على الصبر على الأذى، وحرصك على صلة الرحم.

الأخ الفاضل: مما لا شك فيه أن الصبر على الأذى من صفات أولي العزم من المؤمنين قال تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} وليعينهم على تحمل الشدائد علمهم أن عاقبة الصبر إلى خير كما قال تعالى: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} والنبي صلى الله يقول: (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ ، خَيْرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ) ويدفع أهل الصلاح إلى الصبر وتحمله ما ورد كذلك في سنن ابن ماجه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَهُوَ يَقْدِر عَلَى أَنْ يَنْتَصِرْ دَعَاهُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رُؤوسِ الْخَلاَئِقِ حَتّى يُخْيّرَهُ فِي حُورِ الْعِينِ أَيَتُهنَّ شَاءَ).

وإن حرصك على رضى الله عز وجل، وعلى الفوز بما منحه الله لأهل الصلاح من الصابرين سيعينك إن شاء الله على تحمل ولد خالك، والذي نسأل الله أن يهديه وأن يصلحه.

فإذا أضفنا إلى ما مضى أيها الفاضل ما في صلة الرحم من الأجر، والفضل لظهر لك فضل الصبر على الأذى، فندعوك أولا أخانا الكريم إلى الاجتهاد وتحمل المزيد والصبر طلبا للأجر، ولا تقابل الإساءة بالإساءة، ولكن قابل ما تجده من أذى بالإحسان والصبر، واجعل نصب عينيك قول الله عز وجل: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}.

أما إذا أحسست أخي الفاضل أن لا مجال للتحمل وقد ينجم على السكوت مفسدة أكبر، فدرء المفسدة الكبرى بالصغرى مقدم، وقد قال علماؤنا: قد يكون الهجر وصلا، وقد يكون الوصل هجرا، فبعض الناس صلته في هجره، وساعتها نذكر بقول الله لرسوله: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} فليكن الهجر بالمعروف، وليكن الرد غير مبالغ فيه بما تعلم أنه يرد عنك الأذى.

نسأل الله أن يهدي ولد خالك وأن يعينكم على تحمله والصبر عليه وأن يثيبكم على ذلك خير الجزاء، والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً