الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أني اعتمادية واتكالية، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحب أن أحكي عن نفسي أني كنت إنسانة اجتماعية، وأحب الناس وأحب التعرف، وأحب أبي كثيراً، وأخاف أن أفقده لأنه الوحيد الذي يحن علي، لا أحب أن يعلم أهلي عني شيئاً (مالي لغيري، وما يهمني المال أبداً، فقد أحب أن أشكو همي لصديقاتي فقط.

أنا إنسانة جداً متواضعة، حصلت لي مشكلة مع صديقتي، وهي أعز صديقة عندي، لأنها كانت معي في كل شيء بالفرح والحزن، وما زالت، وفجأة منعها زوجها مني، وجاءتني رسائل فيها سب! فقدت بعدها الأمان وأصابني الشعور بالخوف، وأصبحت أخاف من الرجال أيضاً، وأصبحت أبكي كثيراً، وخجولة، وكلامي أصبح قليلاً، وأستحيي من جسمي، لأني متينة لا أحب الخروج من المنزل، فقط أحب جلسات البيت، ولا أحب أن يجرحني أحد أتألم إذا أحد غضب مني، وأحس بفراغ كبير، لا أحب أن أتوظف لأني لا أعرف أكتب ولا أستطيع أيضاً أن أذهب للتحفيظ! لا أستطيع مواجهة الناس، أصبحت كثيرة السكوت، ولا أعطي رأيا للناس.

أنا إنسانة كتومة مع أهلي، وأحب فقط أن أحكي أسراري لصديقاتي فقط، حتى لو مرضت لا أستطيع أن أقول لأهلي مرضي! أتحمل الألم وأسكت لا يهمني أي شيء بالدنيا، لا مال ولا سواه، ولا آكل، إنسانة جداً متواضعة في كل شيء.

درست الثانوية ولكني بالفعل لا أستطيع أن أكتب أو أقرأ، لأن الذي كتب هذه الرسالة صديقتي، أنا جداً اعتمادية، لا أحب أن أخدم نفسي بأي شيء! أحب أن أحداً يقوم بعملي، اتكالية جداً، ما أقدر أقوم بنفسي.

كنت أطبخ سابقاً، والآن لا أستطيع الطبخ، أحس بدوخة وغثيان، أصبحت فقط أبكي كثيراً، وإذا رأيت أحداً يبكي أبكي معه، حتى لو ما أعرفه! صديقتي كانت بالنسبة لي كأخت، وكانت معوضة لي عن كل شيء، وفجأة فقدتها!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عابديه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكراً لك على السؤال والكتابة إلينا بالرغم من صعوبات الكتابة وغيرها، فهذا أمر نقدّره، وشكراً لصديقتك التي ساعدتك في الكتابة.

أحياناً يأتينا سؤال، كسؤالك، من الصعب الإجابة عليه بالشكل المناسب، لتعدد الأمور والجوانب المتعلقة بالسؤال، فمن أين يبدأ الإنسان؟!

أعتقد أن عليك إعادة النظر في كثير من الأمور، ومحاولة ترتيب الجوانب المختلفة لحياتك، مراعية بذلك الأولويات الهامة، ولا بأس أن تجزئي الجوانب المختلفة لحياتك، بالرغم من أنها تبدو أحياناً وكأنها متراكبة ومعقدة، فيمكنك مثلاً أن تبدئي بأحد الأمور، ومع الوقت تنتقلين للأمر الآخر، وهكذا حتى تتغيّر الكثير من جوانب حياتك.

ولكن قبل الحديث عن علاقاتك بصديقتك، وقبل الحديث عن علاقتك بأسرتك، وقبل علاقتك بهذا وذاك، فقبل كل هذا لابد من التركيز على علاقتك بنفسك، نعم علاقتك بنفسك.

من الأمور الهامة للصحة النفسية، وحتى غير الصحة النفسية، أن يقبل الإنسان نفسه، ويقبلها كما هي، نفسياً وجسدياً، فهذا التقبل للذات هو رأس مال الإنسان، وإلا فقد لا ينجح الإنسان في ترتيب أعماله وعلاقاته، ويبدو من خلال سؤالك أن هذا الجانب وهو أن تقبلي نفسك وذاتك، أنت بحاجة إليه، ويبدو أن هذا هو مفتاح الانطلاق عندك.

إذا قبلتِ نفسك، فستحسنين التواصل مع الناس الآخرين، ومع أمور حياتك كلها، بل وحتى صعوبة القراءة والكتابة، ستستطيعين عندها البداية في حضور دورة تعليم القراءة والكتابة، فلاشك في أهمية هذه المهارات.

اسمحي لي أن أقول في النهاية إن عندك فرصة جيدة للنجاح، والتوفيق في هذا التغيير، وأقول هذا بسبب كونك كنتِ في السابق من الصفات الإيجابية، والتي وردت في أول سؤالك، من الاجتماعية وحبّ اللقاء بالناس، وأخيراً، فبسبب تعقد الأمور وتداخلها، فلا بأس أن تستعيني بمرشدة أو أخصائية نفسية في مدينتك، تتحدثين معها عما في نفسك، وربما ومن خلال أسئلتها ومناقشتها، ستتعرفين على الكثير من الجوانب الإيجابية لديك، مما يعينك على رسم الصورة التي تريدين تحقيقها، وعلى تنفيذ هذه الصورة.

المهم أن لا تستمري في المعاناة والصعوبات بصمت، موقنة بأنه لا توجد هناك مشكلة إلا ولها حلّ، وعلينا الاهتداء لهذا الحلّ في حياتنا، وقد نجده بأنفسنا، أو بمساعدة الآخرين.

وفقك الله، ويسّر لك سبيل العيش الهانئ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً